ماذا بعدا فيروس كرونا؟
حينما أعلن المغرب عن تسجيل أول حالة مصابة بالفروس، دابة الخوف في نفوس المواطنين، منهم من أصابه الهلع وغلق عن نفسه مخافة أن يصاب، ومنهم من لم يتق وضن الخبر مجرد إشاعات تم تصريح بها، لكن بعد مدة قصيرة ومع سرعة إفشاء الفروس وانتقاله، تشددت الإجراءات لاحتراسه، أغلقت المساجد والمدارس، والأسواق والمتاجر الأكثر تجمعا الكثافة سكانية، منعت الحافلات وصلة الرحيم بالأعياد والمناسبات، سجن أثناء دلك كل فرد في بيته، وعلي مواقع تواصل ارتفعت صيحات الحرص على العمل بالإجراءات وعدم تهاون من جهة ومن جهة ثانية تقرير تكشف الأحوال، وأخبار تهدأ الأجواء إن كانت أو تزيد رعبا في نفسية شعب، ذلك الشعب الذي وجد نفسه بين ليلة وضحها سجين بين أربعة جدران محصورا بين خيارين أحلهما مرا إما اختراق القانون الذي حتم عليه وموجهة الجائحة التي تنتشر كانتشار النار في الهشيم، أو أرضخ له من أجل حماية نفسه وحماية غيره وسط هلوسات وملل وكآبة الجو وأفكار تكاد أن تصبه بالجنون. من بينه أمهات لم تعد تعلم قلوبهم طمأنينة ولجفونهم طعم النوم وراحة مخافة أن تصاب إحدى فلذة كبدهم، وأرباب المنازل تركوا أعمالهم فوجدت الأفكار المريبة طريقها إلى عقلهم، أصبحوا يخمنون للغد ويضربون لبعده ألف حساب.
الجائحة جمعت الأفراد وقربتهم من بعضهم البعض، منحتهم وقت فراغ لامحدود فيه، ومكنت لهم فرص لجمع شتات العلاقات المنكسرة في ما بينهم. لكن الرعب الحقيق لم يكن الجائحة بل ما بعدا الجائحة كشفت عن النقص الذي يعانيه المغرب وحال ستار عن عيوبه، موجة قوية مرت لكن تركت خلفها انهيارا في الاقتصاد وترجعا في تدبير السياسة. الجائحة كانت مرعبة لكن بعدها أشد رعبا، ففي محاولة التوازن ينهب الوطن، وفي محاولة الارتقاء للعودة كما كانوا من قبل، اسقطوا، الأساسيات، ووضع تصنيفات حيت كانت محاولة الإصلاح تعليم آخره، لم يبق من يتحمل المسؤولة وكأن الجائحة ضمر ضميرهم ومزقته إلى قطع صغيرة ولم تترك مجالا لترميمه. لينادي مناد بعدها صرخا من هول ما يعيشه، ولأنه كلما صراخا زاد الأمر سوءا حتى لم يعد لصوته وجود ولم يعد يسمع، استغلت حالته ليرتفع من جهة ثانية صوت آخر ليس صوت مناجته واستغاثة لكنه صوت يدعو لنسيان المنادي والرقص على أنغمه الباحة، أصوات تعشقها النفس وترغب بالمزيد منها من أجل سماعها بدلا من سماع صوت تأفف وعدم الرضا وتلك الاستهجانات التي لا تعارض من أجل مصلحتها فقط بل من أجلها وأجل أملتها ومن أجل خلفتها المستقبلة ومن أجل وطنها. لم ترفع العلم قط لأنها مجبرة على رفعه لكنها ترفعه لأنها ترى أن الوطن ملجؤها وعشق قلبها اعتدت على حبه وطلب له الأفضل منذ نعمة أظافرها، فتلك الأصوات قادرة على فدائه بأعز ما تملك لذلك تستغيث فلا تدعسوها أكثرا من لزيم .
التعليقات