قبل ٢٦٠٠ عام وقعت جريمة قتل .. الضحية فتاة في العشرينات من عمرها ..والفتاة إسمها تاكابوتي .. قُتلت بضربة فأس من الخلف .. و لأن الفتاة من أسرة نبيلة تم تحنيط الجثة .. بعد ذلك وفي عام ١٨٣٤ سُرقت المومياء و إشتراها رجل أيرلندي .. و ظلت الفتاة حبيسة قفص زجاجي في إحدي المتاحف لمدة ١٨٥ سنة حتي قرر عالمان فحص المومياء .. مثل الملكة تي الفتاة ذات شعر ناعم أحمر .. عكس نساء مصر الآن .. فمكواة الشعر تمثل أهم إختراع لهن في القرن العشرين .. المفاجأة كانت عند تحليل الحامض النووي للمومياء .. فقد تبين أن هذا الحامض النووي ضئيل الصلة جداً بسكان مصر الآن .. و أنه قريب الشبه من سكان أوروبا !! .

و في عام ٢٠١٧ كان هناك تحليل آخر لتسعين مومياء أخري .. و كشف هذا التحليل أن جينات المصريين القدماء بعيدة كل البعد عن أحفادهم و أنها تشبه جينات سكان بلاد الشام و الأناضول .

بالطبع جاءت هذه التحاليل صادمة لعلماء الآثار المصريين .. الذين أدعوا أنها غير دقيقة و مسيسة .

و هنا تعلو الأصوات و يتصاعد الجدل حول الهوية .. هل نحن أبناء الفراعنة ؟ .. أم أبناء العرب ؟ .. و كان أول من بدأ هذا الجدل دعاة التغريب من أمثال طه حسين .. حين أعلن لأول مرة أن المصريين هم أبناء الفراعنة .. لتشتعل بينه و بين أنصار القومية العربية من أمثال ابراهيم المازني و عبد الرحمن عزام معركة هوية .. و الحقيقة سواء كان هذا أو ذاك فهي دعوة قومية عنصرية .. و ليس هناك أي فائدة من إنتمائنا هنا أو هناك إلا الفخر الزائف .

نعم كانت للفراعنة حضارة عظيمة و تركوا لنا إرثاً بقي آلاف السنين .. و لكن ماذا تركوا لنا من علومهم ؟ .. لا شيء .. هل عرفنا سر التحنيط ؟ .. هل عرفنا سر البنايات العظيمة ؟ .. ثم إن الحضارة بمفهومها المادي فقط ليست حضارة .. الحضارة دين و أخلاق و علوم و فنون .. و قد كانت الحضارة الإسلامية هي النموذج الذي اتصف بكل هذه السمات في وقت واحد .. فجمعت العرب و العجم و الفرس و الأكراد و المسلمين و غير المسلمين في مزيج فريد .. فلا قومية .. و لا عنصرية.