اليوم، أصبح الجميع يتغنى بإدارة الوقت وتنظيمه. وكثرت المحاضرات التي تُعقد بهذا الشأن والتي يبحث من خلالها الناس على الوسيلة الأمثل للاستفادة الكاملة من الوقت المتاح عبر تنظيمه وجدولته.

لكن مع اعتماد هذا النظام الحياتي، وقع العديد من متبّعيه بفخ "الإفراط في تنظيم الوقت" لا شعوريًا. هذا الإفراط الذي يقضي على كل المخططات ويأكل الأخضر واليابس من طموحاتنا وتطلعاتنا المستقبلية!

كيف ذلك؟

في الماضي القريب، لم تكن التقنية بهذا التطور الذي وصلت إليه اليوم! وقد اعتدنا أن ننخرط في شؤون حياتنا اليومية صغيرها وكبيرها، وإدارتها بما يتوافق مع المعطيات لدينا، بحيث تكون المحصّلة هي تحكّم بالمهام وتوزيعها على الوقت المتاح لدينا.

أما اليوم، أصبحت كل المهمات في حياتنا تُدار تقريبًا بتدخل تقني. فمع دخول مصلحات إلى حياتنا مثل إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي، لم نعد المتحكّمين الرسميين في زمام الأمور، إنما يُشاركنها ذلك تلك التقنيات التي جعلت لكل شيء فترة زمنية محددة ولكل عمل جدول معيّن.

ومع حرصنا ومحاولاتنا المستميتة لإعادة التوازن في حياتنا، وقعنا في فخ "الإفراط في تنظيم الوقت"، وسعينا إلى المثالية والهوس لبلوغ الأهداف دون الانتباه إلى أننا نسعى لمثالية ليس لها وجود من الأساس!

في الحقيقة، فإن سعينا المستميت لتحقيق شيء بعينه يُفقدنا السيطرة على شيء آخر. فالحياة لا تمنح كل شيء لنا، بل هي قائمة على مبدأ التوازن، تمنح وتأخذ.

واعتقادنا أن بإمكاننا توفير حلول لجميع المشاكل والتحكم التام بزمام الأمور في حياتنا لهو اعتقادٌ خاطئ يحرمنا من عفويّتنا في الحياة التي تُضفي شيئًا من البساطة على رتابة التنظيم المفرط.

فتنظيم الوقت لم يكن يهدف يومًا إلى العمل وفق روتين يومي وكأنّك روبوت يعمل بوتيرة زمنية، إنّما وُجد لنُنجز في يومنا ونعتمد على قائمة الأولويات، مع تفويض بعض المهام من وقتٍ لآخر.

فهل وقعتَ من قبل تحت تأثير الإفراط في إدارة وقتك؟ وكيف تجمع بين العفوية والتنظيم في حياتك كي لا يطغى أحدهما على الآخر؟