الغضب. جميعنا اختبر هذا الشعور من قبل.
وربما تكون غاضبًا الآن أثناء قراءة هذه التدوينة!
تتسارع نبضات قلبك، تصرخ أو تبكي، أو تضرب الأشياء حولك، تتراجع .. إلخ.
كل ذلك بسبب الغدد الكظرية (Adrenal gland) التي تُفرز هرمونيّ الأدرينالين والكورتيزول استعدادًا للقتال أو الهرب من الخطر.
وقد هرب أسلافنا من الحيوانات المفترسة استجابة لحاجتنا لحماية حياتنا، ولكن ماذا لو كان الشخص الذي يُفترض به حمايتك هو من يؤذيك؟
صدمة ثقافية
عاش والداي حياة المُعدمين في قرية تقع في باتامبانغ ، كمبوديا.
وفي 17-4-1975، سقطت عاصمة كمبوديا -بنوم بنه-/Phnom Penh- في أيدي حزب "الخمير" الحُمر، وبين عاميّ 1975 و 1979، أعدم (الخمير الحُمر) ما يقارب 1.5-3 مليون كمبودي.
هرب أبي وأمي إلى حدود تايلاند أثناء الإضطرابات السياسية، وبدأا رحلتهما إلى الولايات المتحدة الأمريكية من مخيم للاجئين.
وصلا إلى مقاطعة فولتون في اتلاتنا جورجيا مع أكبر أخوتي في أوائل الثمانينات.
لم يكن والداي على دراية بتقاليد الأمريكيين، وكانا يحنّان إلى مسقط رأسيهما، وأصيبت والدتي بالاكتئاب نظرًا لإضطرارها إلى ترك عائلتها في كمبوديا والعيش مع عائلة والدي في الولايات المتحدة.
أصيب والداي باليأس، وضغوط العيش في بيئة مختلفة تمامًا أصابت والدي بالغضب الدائم، هذا إضافة إلى أصابتهما بأعراض اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، كان ذلك في وقت أُضطرا فيه للتعامل مع كل تلك المشاعر السلبية إضافة إلى تربية أطفالهم.
وفي أواخر الثمانينات، انتقلنا -بصحبة أخي الكبير وأختين ليّ- إلى فريسنو، كاليفورنيا. لنكون وسط الكمبوديين الآخرين الذين كانوا بمثابة عائلتنا الثانية.
في حالة سُكر
لم أكن على علم بمدى سوء عادات أبي في شرب الخمر إلا حين بلغت الخامسة.
فهو يبدأ الشرب عادةً حوالي الساعة 5مساءًا، ويزداد الأمر سوءًا طيلة الليل.
وإن فعل أخوتي شيئًا لم يُعجبه، كان يقضي ساعات طوالًا في إلقاء المحاضرات عليهم ويصرخ فينا جميعًا بشأن مقدار ما ضحى به في سبيل إنقاذنا.
وكانت الإساءات اللفظية لا تنتهي، وغالبًا ما كان يضربنا ﻷصغر زلّة.
لقد كان والدًا ديكتاتوريًا بحقّ!
الآثار التدميرية
عانيت من انخفاض ثقتي بنفسي، ولطالما آمنت بأن كل ما يقوله والديّ حق حتى أواخر العشرينات من عمري.
وعانيت في علاقاتي الشخصية بشكلٍ هائل، كنت أخاف من النظر في عينيّ أي شخص لخوفي من أن يشعر بأنني لا أحترمه.
عانيت من نوبات حادة من الاكتئاب لما يقارب عقدًا من الزمن، ودفعت مئات الدولارات على جلسات العلاج والأدوية للتخلص من تلك الآثار السلبية.
لكن في النهاية، سامحت والدي.
ما الذي جعلني أسامح والدي؟
لا فائدة ترجى من شكواك من الطقس (حار جدًا)، (بارد جدًا).
ستحدث الفصول الأربعة دائمًا سواء أعجبك ذلك أم لا.
هذه هي الطريقة التي أرى بها الطبيعة البشرية، وأرى بها أيضًا علاقتي مع والدي.
يبلغ والدي من العمر 63 عامًا، ولا يزال نفس الشخص الذي قد يكون نرجسيًا. ولكنني أعتقد أنه غفر ذنب من أساءوا إليه بعد 40 عامًا.
لا أستطيع تغييره، ولا تغيير ما فعله، ولن يفيدنا احتفاظي بمشاعر الكره ﻷبي على أفعاله السابقة.
في النهاية، تستغرق مثل هذه المشاعر السلبية بعض الوقت حتى تختفي، لكنني أودّ أن أشاركك مقولة رائعة لـباولو كويلو، حيث يقول:
"نحن محامون جيدون ﻷخطائنا، وقضاة حازمون ﻷخطاء الآخرين"
وجودنا عبارة عن رواية، ولا فائدة من إعادة قراءة ذات الفصل مرة أخرى.
مترجم بتصرف:
التعليقات