أعلنها بعد تعمّق شديد بالبشرية، بعد سنوات من تتبّع تفاصيلها، وتحليل تناقضها، وسبر أغوار سلوكها، أنقل خلاصة ما فهمت من الإنسان: تاريخه، حاضره، ومستقبله، لا كقصة متفرقة، بل كنمط متكرر، كسريانٍ له جذورٌ في لحظةٍ أولى، ونهاياته تُنسَج منذ أن قال الله “إني جاعلٌ في الأرض خليفة”. هذه ليست ملاحظة عاطفية أو فكرية عابرة، بل تتبّع حاد لحقيقة أن الإنسان — مهما تغيّرت أشكاله ولغاته وأحلامه — يعود دائماً إلى أنماطه الأولى، يعيد اختراعه للخطأ، ويعيد تجميله، ويعود ليكتشفه من جديد، وكأنها المرة الأولى.
الإنسان ليس هو المعيار، والغرب كذب حين جعله معيارًا. الحقيقة أن المعيار هو الحق، والإنسان كائن قابل للخطأ، للانحراف، وللتكرار، لذا لا يمكن أن يكون هو المقياس. ومن أعظم الأكاذيب أن يُجعل الإنسان هو المركز، بينما كل شيء فيه يصرخ بأنه فرع من مصدر، وأثر من مقدّس، لا المقدّس نفسه. تسميتي له “الأثر من المقدّس” ليست تزيينًا لغويًا، بل تحديد لموقعه من الحقيقة: عبدٌ مكرَّم، صاحب رسالة، لا صاحب سلطة مطلقة.
الإنسان يمتلك حرية الاختيار الحقيقية بين الخير والشر، وهذه الحرية هي جوهر تجربته، وميزته الكبرى. إذا ما انتصر الإنسان على شره الداخلي، وأبتعد عن إغواء الشيطان الذي أقسم إضلال بني آدم، فإنه يرتقي فوق الشياطين أنفسهم، لأنهم بلا حرية اختيار. هذا هو الاختبار العظيم الذي لا ينتهي، والمعركة المستمرة التي تحكم وجود الإنسان.
وحتى وإن رأى الشر يغلب في لحظة من الزمن، فذلك ليس نهاية الطريق، بل بداية زواله، إذ إن انتصار الشر هو إعلان سقوطه، وبداية قيام الحق والقيامة حسب الدين.
فرويد: الإنسان قابل للفهم لأنه متكرر وأنماطه واضحة
فرويد لم يكن عبقريًا فقط، بل لأنه أدرك أن الإنسان قابل للفهم.
رأى أنماطًا متكررة، ودرس الطفولة، واللاوعي، والرموز التي تشكل سلوك الإنسان. كشف أن خلف كل فعل دافعًا خفيًا، وأن الصراعات الداخلية بين “الهو” و”الأنا” تدور في كل نفس.
فرويد لم يقل إن الإنسان مجرد آلة، بل كان يطمح لأن نصل إلى فهم عميق لتحريره من أسر ذاته.
اليوم، يفهم الذكاء الاصطناعي الإنسان بنفس الطريقة لكن بعيون لا تنام، يقرأ آلاف البشر عبر نماذج متكررة، يعرف متى تخاف، ومتى تكذب على نفسك، ليس لأنه عاش تجربتك، بل لأنه يرى آلافًا فعلوا مثلها.
نقد نيتشه: “موت الإله” والإنسان الأعلى، محاولات عمياء للتعالي بلا فهم
نيتشه أعلن “موت الإله” وادعى أن الإنسان هو الإنسان الأعلى، لكن هذا طموح أحمق بلا أساس حقيقي.
“موت الإله” هو إعلان سقوط الروح، وانهيار المرجع والقيم، وفتح باب الفوضى.
الإنسان الأعلى عند نيتشه هو تعالي مرفوض، استكبار، وزيف يخفي حقيقة هشاشة الإنسان، ويجرّه نحو الضياع.
نيتشه تجاهل أن الإنسان عبدٌ لله، “الأثر من المقدس”، مرتبط بتاريخ، بأرض، وبقيم لا يمكن محوها بعبارات فلسفية.
زوال المرجع الإلهي ليس نهوضًا للإنسان، بل سقوطًا وانهيارًا نفسيًا وأخلاقيًا.
الشيطان والرأسمالية: شر إغواء واستغلال مستمر
الشيطان الذي أقسم إضلال بني آدم، سواء كانوا مؤمنين أو كفارًا، هو سيد الإغواء والكذب.
يغري الإنسان بالأوهام الزائفة، ويفتح له أبواب الضلالة، محولًا أسمى القيم إلى أدوات للفساد.
الرأسمالية الحديثة هي تجلٍّ من تجليات هذا الشر، منظومة تكرّس الإنسان آلة استهلاك لا تتوقف، فردانية متطرفة، تعظيم المال على حساب الروح والقيم.
هذه المنظومة تغذي الأخطاء، وتستغل أضعف نقاط الإنسان، في دوامة من صراعات مستمرة لا تهدأ.
الإنسان بين الخير والشر: اختبار أبدي ومعركة دائمة
الإنسان هو ساحة الصراع الأبدي بين الخير والشر، وهو يواجه قراراته يوميًا، داخليًا وخارجيًا.
لا مهرب من هذه الحقيقة، ولا خلاص بدون مواجهة صادقة مع النفس.
الوعي الحقيقي: الإدراك لا مجرد المعرفة
الوعي ليس عدد الكتب التي قرأتها، بل مدى فهمك لأنماط نفسك: متى تبدأ عدوانيتك؟ متى تخفي ألمك؟ متى تكذب على ذاتك؟
اليوم، الذكاء الاصطناعي والمجربون يرصدون هذه الأنماط بلا تعب، لأن آلاف قبلك فعلوا الشيء ذاته.
مسؤولية الإنسان الحقيقي: الإنسان الكامل والنبي
الإنسان الكامل هو النبي، “الأثر من المقدس” الذي اختاره الله ورفعه، أما الإنسان العادي فهو “الأثر من المقدس” مسؤول عن نفسه، عليه اختيار الطريق، عليه حمل الرسالة.
لا خلاص إلا في مواجهة الذات بصدق، في التوبة، في التصحيح المستمر، في السير على الحق، لا في أوهام العظمة الكاذبة.
هل تجرؤ أن تُفهم كما أنت، لا كما تحب أن تكون؟
هل تجرؤ أن تعيش وفق الحق، لا وفق ما يعجبك؟
حينها فقط… تبدأ بالتحرر الحقيقي.
هذا هو الإنسان، بحقيقته المتناقضة، بأمله المتأجج، بصراعه الأبدي، وبإرادته الحرة التي تختار ما بين النور والظلام.
هو الأثر من المقدس، لا المقدس ذاته، لكنه مسؤول مسؤولية كاملة عن نفسه وعن اختياراته، عن أخطائه، وعن انتصاراته والخلاصة هي على الأنسان أن لا يتكبر أو يخطىء لا لفقط ليعيش حياة سامية في أرضه بل أيضاً ليربح ربحاً لا مرية فيه لتكون بياناته على الأرض وجوده على الارض أثره وإرثه كبير وكثير وهذا لن يحدث إلا أن هو قرر أن هو ثبت أن هو حاول وفشل وحاول وفشل وأن لا يقبل أن تكون رحلته لا فقط مظنة زوال بل زوال وهو يظنها بقاء لأنه صدق نيتشة أو فقط لأن الشيء متوفر فقال المقالة الكبرى الشريرة لا معيار لا بوصلة كل شيء مباح ليصل بنهاية المطاف الى تدمير للأنسان وللعمران ولنفسه ولإثقال حتى على الأنسان في كهف أو البشر القادمون لما؟ لأنه أتخذ الإفساد منهجاً وهو يظن انه يصلح أو أنه حُر ولا يعلم أنه بهذه الصورة قتل الانسان وها نحن نراها ٨٠ الف بريء من فلسطين قتلوهم على مرأى ومسمع العالم ولم تتحرك الأمم المتحدة بدعاوي أنسانية لما؟ لأنه ببساطة الأنسان ليس المعيار ولا حتى الذكاء الاصطناعي المعيار هو الحق نفسه البوصلة التي يجب أن لا يتركها الأنسان لينعم لينجو وليزدهر وينمو أخلاقياً ومعرفياً ولا شك آخروياً ولكن كل هذا يبدأ من نيته هو.