اريد ان انتحر باسهل طريقة
الانتحار
مهلًا عزيزتي، صدقيني لا تستحق الحياة أن نحزن عليها، فما بالكِ أن ننتحر من أجل ظروف صعبة نمر بها!
كنت في كل مرة أردد لماذا يحدث معنا هكذا؟! ولكن عند رؤيتي لأطفال مرضى السرطان في مستشفى في مدينتي وكيف أنهم يتحدون ظروفهم اليائسة ويبتسمون في وجوهنا، ويملكون الأمل في الحياة، بت استحقر نفسي وشعرتُ بأنني شخصية ضعيقة.
اليوم خرج من هم محكوم عليهم مؤبد عزيزتي، أسرى أمضوا 22 سنة و وهناك من هم أكثر ، ولكنهم يملكون الأمل والاصرار في الخروج وتنفس عبق الحرية، وبالفعل نالوها، فلماذا عزيزتي لا نحاول أن نتغلب على ظروفنا اليايسة بالارادة
أغلبنا إن لم يكن كلنا نمر بظروف صعبة ومعقدة وحياة يائسة، ولكن الإنتحار لا يحل هذه المشاكل، ما رأيك الآن في أن تشاركينا بهمومكِ وستجدين كلنا لكِ آذان صاغية إن شاء الله، وربما سنجد حلول لبعض المشاكل التي تحدث لكِ.
آه يا وفاء.. لو فكرت مليًا في طرق الإنتحار، لأصابتك الخيبة!
مثلا يمكنك طعن نفسك بسكين.. لكن ربما لن تنجحين في ذلك، وتكون السكين خفيفة لا تذبح!
ثم تصابين بعاهة تعيشين بها العمر كله!
ولو فكرت الموت تحت عجلات القطار، فسوف يكون موت مقزز! ولا أحد يرغب في هكذا موت! بينما يتفسخ جسدك تحت عجلات القطار، سيهرب الناس من المكان وهم يقذفونك بالشتائم!
وحين تفكرين بالإنتحار بشرب دواء ما، سوف تستفرغينه، وربما لن تستطيعي بلعه أيضًا.. وسوف يلحق بك الأهل إلى المستشفى، كعادة المسلسلات!
ما الحل إذا وكل فرص الإنتحار مقززة؟؟
عليك بتقبل الحياة، فمثلا تجربين السفر، لقرية جميلة في بلدك الجميل، وتعيشين بضعة أيام بين الحقول، ترين جمال الحياة، ثم تعيشين مع مشاكل وهموم الناس، فتجدين أن لكل شخص مشكلته الخاصة، وهمه الكبير..!
وسوف أقول لك قصة، قيل لامرأة أن تطرق كل باب في القرية، لتسأل عن سر السعادة، فلما طرقت الأبواب، وجدت هذا مريض، وهذا يتألم، وهذا فقير، وهذا مصاب، وهذا لا ينجب، وهذا غير متزوج، وهذا لديه هم ما، وكلما طرقت باب، وجدت في كل باب هم، وحلم..
ثم عادت، ورضيت بحياتها.. وشعرت أنها أفضل حالاً من الناس.
وأنتِ يا وفاء، بحاجة لطرق أبواب الناس، لتري همومهم، وأحزانهم، وأفكارهم، وأحلامهم، لتري أنكِ لستِ وحدك في هذه الدنيا المهمومة!
ولكن الفرق في الرضا يا وفاء..
من رضي عاش يا عزيزتي، أنا لا أعرفك، وليس لي مصلحة في بقاءك حية، ولكن أليس التفكير بهدف ما جديد، سوف يملأ وقتك، ويشعرك أن حياتك ضرورية؟!
وهناك أشخاص يحتاجونك في هذا العالم..
هل فكرتي بالذهاب لحضانة، وقضاء جزء من يومك في رعاية الصغار كتطوعٍ منكِ؟
أو لو فكرتِ بالذهاب لدار رعاية المسنين، أو لبيت إيواء السيدات، أو لبيت رعاية الأيتام، وجلستِ كل يوم معهم، تعيشين أجواءهم، سوف تسعدينهم، وتسعدين نفسك، وتجدين كم أنتِ مفيدة، وكم الناس محتاجون لوجودك في هذه الحياة.
هل فكرتي مثلا في شراء ألوان، ودفتر رسم، والخروج لنزهة في منتزه قريب، والجلوس ورسم الطبيعة، سوف تقولين لا أعرف الرسم، ارسمي أي شيء، سوف تتغير نفسيتك..
الحياة يا وفاء جميلة، مهما كانت مرة، الضيق الذي تشعرين به، سوف ينتهي بأي وقت، فقط ثقي بالله.
لا تحملي نفسك هم أذية قلبك وروحك.. لا يحق لك أخذ روحك يا عزيزتي.. اذهبي لقضاء حاجات الناس، وسوف تسرين بعد كل خيرٍ تقدمينه..
وزعي ابتسامات، سوف تحصلين على ابتسامات.
وزعي فرح.. ستحصلين على فرح.
تابعي اشخاص ملهمين، تابعي أشخاص يعطون كل ما بيدهم من أجل العطاء، كوني مثلهم.
العطاء سوف يهديكِ حياة جديدة، وهدف جديد..
أنتِ نقية.. فلا تخسري روحك بطريقة بشعة.
ليست هناك طريقة سهلة للإنتحار يا وفاء.
الإنتحار هو الإنتحار، يعني أن تفقد حياتك تماما، وهذا ليس بأمر سهل ولا يحدث بطريقة سهلة.
ربما الأسهل أن نغيّر من الواقع أو نهرب منه أو نحاول التعايش معه، لكن الإنتحار ليس حلّا على الإطلاق، إنها حياتنا نحن.
بالتأكيد أن الصعوبات والآلام التي مررتِ بها كثيرة جدا جدا إلى الحد الذي دفعك في التفكير في الأمر، أدرك ذلك وأقدّره.
لكن في نفس الوقت الإنتحار ليس هو الحل.
يمكنك الإستسلام بعض الوقت وترك نفسك على السرير لأيام، يمكنك الإكتئاب والإمتناع عن فعل أي شيء، لكن لا تنتحرين ولا تفكّري في ذلك.
الحياة بها الكثير لنحظى به، ولا يعني أن المرحلة الحالية صعبة بأن الحياة كلها بنفس الشكل.
فكّري فقط على أن ما يحدث الآن هو مرحلة وستمر حتما مهما حدث.
التعليقات