أتمنى لكم قراءة مليئة بتدفق المشاعر

(الجزء الثاني)

"الفصل(1) "

 "الالتقاء مرتان يكفي"

مُرتمٍ بين انهار حزنه وسط ظلامٍ حلَّ من حوله لا يكاد يسمع سوى صوت حريق قلبه البعيد المنتزع منه، وصوت البوم الخافت الذي حطَّ على كتفه ظنًا منه أنه غصن تم قطعه من شجرة، وعندما صدر صوت تنهيد البرت، همَّ البوم بالرحيل بعيدًا،

قال البرت بصوت هادئ يملئه الحزن: لن أبالي برحيله، فهناك من رحل قبله وتركني غارقًا بين دموعي التي لا تقوى على إطفاء حريق روحي المُنهك.

لم يكن يدرك البرت أنه اصبح كالغصن تمامًا، وحيدا بعيدًا عن المكان الذي كان ينبت فيه ويثمر فيه بكل حبٍّ، أو ربما كانت الشجرة هي روحه وقد تم نزع جسده و الالقاء به بعيدا عنه، فكيف سيستطيع مجاراة دموعه؟!… وكيف سيستطيع نسيان مَحبوبتهِ؟!…

(صَاحِبة العُيونُ التي تَسكُنُها السَّماء )…كان هذا أول نداءٍ منهُ لها.

اغلق البرت عينيه المُحمرَّتان والتي كان لا زال يحاول أن يوضِحَ رؤيته بهما و قال: ربما هذا مجرد كابوس زارني من أعماق الجحيم لينتهي بي المطاف هنا…! هذا كابوسٌ لا محال…، سأغلق عيوني عن هذا المكان الذي يبدو حقيقي و أغفو.

ابتسم البرت وبدت ابتسامته كالطفل الصغير الذي أدرك أن عمره سيكون مديدًا،

وما زال يبتسم إلا أن بدء بالزفير المُتعب ومع كل نفسٍ يَزفِره كان يهمس بنبرة الحزن ناطقًا باسم محبوبته و مُكررًا لَهُ: فلورا…فلورا جميلتي سَألقاكِ يا حبيبتي بمجرد أن أنام سيزول هذا الكابوس اللّعين ليعيد لي روحي….يعيدك لي يا فلورا…فلورا…فلورا.

وإذ به يغفو رويدًا وكان يشعر مع كل لحظة تزوره أن ألمه يقل تدريجيًا، تمامًا كإنسانٍ اتعبه المرض لأيام و شعر بالنُّعاس الشديد الذي كان قادرا أن يطغوا على مرضِهِ فأخذه النوم وخفف عنه ألمه تدريجيًا.