كانت الليلة مظلمة والرياح تعصف بالسماء، حيث امتلأت السحب السوداء ببطء وتسللت فوق البحر. على بُعد أميال، تطفو سفينة قديمة ومهجورة في نصف البحر المظلم. لم يكن هناك أي ضوء يتسلل من نوافذها المحطمة، والماء البارد يتلاعب بقشور الطلاء المتهالكة.
تسللت السفينة بصمت من خلال الأمواج الهائجة كما لو كانت هي ذاتها جزءًا من هذا الظلام المخيف. على متنها، لم تسمع سوى الأصوات الخشبية المتكسرة وصوت الرياح المنخرطة حول الأبراج المنهكة.
كان هناك نقطة غريبة في وسط سطح البحر، حيث تجتمع التيارات وتتلاطم الأمواج. في تلك النقطة، بدأت السماء تتقلص بشكل غريب، والظلال الداكنة أخذت تلتف حول السفينة. بدأت السفينة تتحول إلى قبر للأرواح المفقودة في هذا البحر اللامنتهي.
عندما اقتربت السفينة من هذا الفوهة المظلمة، بدأت السماء تتسع فجأة، مكشوفة للعيان. كانت النجوم مشعة بشكل غير طبيعي، وكأنها تلتهم بحر الليل. كانت السفينة الآن محاصرة في قلب العاصفة، والرياح تعصف بجميع الاتجاهات، محاولة إغراقها في أعماق البحر المظلم.
في تلك اللحظة الرهيبة، بدأت الأصوات تتجلى من أعماق السفينة. صوت خطوات ثقيلة على الأرضية الخشبية، وصراخ همسات مخيفة يملأون الهواء. كانت الأشباح تستيقظ من سباتها الطويل، ملوثة بالغضب والحزن، تسعى للخروج من أعماق هذه السفينة المهجورة.
كلما ازدادت الأصوات قوة، كلما ازدادت السفينة تأرجحًا بشكل أكبر، كأنها تحاول الهروب من هذا الكون الملعون. الأشباح تجولت في أروقة السفينة، أضواءها الزرقاء تلتقط في الهواء الرطب. كلما اقتربت، كلما زادت الرياح وتسارعت الركوب على الأمواج.
في النهاية، ابتلعت الأمواج العاتية السفينة الملعونة، تاركة وراءها صراخًا همسيًا وصدى أرواح مفقودة، حيث اختفت في أعماق البحر المظلم، مكملة رحلتها اللعينة في هذا العالم الغامض الذي يحكمه الظلام.