بعد مرور مايقارب شهر كامل من الحرب والدمار والنهب والسلب والقتل ..

مازال هناك من يدعم هذه الحرب اللعينة ؛بيوت الطين التهمتها براميل الانتنوف التي تحلق فوق سماء الوطن .

بيوت سكانها لايعرفون معني السياسة ولا يدركون ولا يتسع إدراكهم من طيبة قلوبهم إلي أن تلك الطائرة التي تتبع للقوات المسلحة لن تضربهم.

لا يدركون أن الصباح المشرق سوف يكون رمادهم أو رماد اخيه أو أبيه أو أمه أو أخته أو صديقي ..

التهمتهم النيران اليوم 12/05/2023

في منطقة الحلفايا بالقرب من شارع مور ...

18 بقرة علي حسب كلام المواطنين قد حرقت ...

17 مصنع الي الان دمر ..

تم نهب البنوك ...

الشعب يعيش الآن علي عرض الله حق وحقيقة ..

مرت الايام الاولي مسرعة ومعظم الناس متأكدة أن الحرب سوف تنتهي خلال ساعات ..

اصبحت في شكل هدنات لمدة ثلاثة أيام ..

المخزون من المواد التموينية يقارب علي الانتهاء ...

الرصاص الان يملاء المكان ...

النيقرز ينهبون ويبيعون للمواطنين..

 النيقرز مصطلح يطلق علي مجموعة من الافراد يتحدون مع بعضهم ليقومون بعمل اجرامي كالعصابات ..

شاشة 64 بوصة تتباع ب 30 الف جنيه..

وسعرها قبل الحرب 480 الف جنيه تقريبا ..

دمر مصنع سيقا ومعظم المنطقة الصناعية ..

مصنع سيقا من اكبر مصانع الدقيق في السودان ..

سوق بحري ومول المؤسسة تم نهبها وحرقها ...

سوق امدرمان والشعبي والعربي..

الخرطوم تبكي علي نفسها حسرة وندم ...

اصوات الأطفال والأمهات ونبرة الخوف الحقيقة من الآباء ..

لحظات تحدث الان ..

هل يصبح السودان مثل ليبيا أو سوريا ؟

أتمني أن انهي هذه القصة بعد أن استيقظ غدا ...

وتنختم علي هذا السرد البسيط للشهر الماضي ..

هذا الشهر الذي مضي كالدهر علي الخرطوم ...

لا مستشفيات في الخدمة ..صدمة كبيرة وخطر كبير جدا علي الشعب ..

اصابات متواصلة ...

قذف من الطرفين والمواطن يموت أكثر من العساكر ...

الدعم السريع يحتمي بالمواطن كدرع من الطيران ...

معظم أصحاب الدكاكين اغلقو ورحلو لولاياتهم ...

عمليات ولادة متعسرة ...

معظم مواطنين الوسط في الخرطوم كمنطقة بري المعمورة شروني شرق النيل الشعبية وشمبات وحلة حمد وغيرها من الكثير من المناطق نزحو الي الأطراف ..

نحن الآن في أطراف بحري الدروشاب جنوب..

الاشتباكات وصلتنا بعد شهر تقريبا ...

والناس الان في حالة تفكير ..

هل سيدخلون أم لا ..

موجودين بكثرة في الحلفايا والزريقاب ...

الجيش قريب منهم ...

ننتظر غدا ؛ .

في امان الله وحفظه

بعد الاستيقاظ من النوم في الصبح الباكر المجازفة بتعبئة المياه والبراميل خوف من الموت ... ونملك اكبر نهر واحلي المياه ،يعدي اليوم سريع يتمني هو أن يأتي غدا كي لايكون تاريخ مؤلم للبعض ، تبدأ رحلة البحث عن الأمان ، ننظر في عيون الكبار في السن ، نندهش من الثبات واليقين والطمأنينة التي تعلو وجوههم ، الشوارع تكاد أن تتكلم ، معظم الناس الان قد نفذ مخزونها ، يتوكلون علي الله حق التوكل .

الان من داخل الأحداث والكهرباء متعطلة نجلس في الشارع علي فرشة رمضان التي أصبحت الملجاء الكبير لنا .

الظلام يكاد أن يخترق القلوب ، والمياه تنفذ ، والمياه لا تأتي إلا بعد معاناة وبموتور الكهرباء وفي ساعات معينة ، الان ساعة هاتفي تشير الي السابعة والنصف ، ولاتوجد فيه اي شبكة أو اتصال ، فقط ادون فيه ملاحظاتي اليومية ، الحليب يواصل النزول في السعر وكذلك البيض وكل المنتجات التي لا تحتمل الانتظار ، لكن المشكلة الأكبر عدم وجود الكاش ، ادون ملاحظاتي وسط الجلوس مع الشباب والاقارب والأصدقاء ولكل راي ، الدعم السريع الان يضرب محطة الزريقاب للكهرباء حسب كلام الناس ، ويعم الظلام ،

تلك الشوارع لاتستحق هذه المعارك ، الوطن لايستحق دماء أبنائه إن تزهق فوق حضنه ، لكن هنالك من هو ملعون في كل شي ، هنالك برهان ، وهنالك حميدتي .

بعد محادثات مع الأصدقاء والاقارب وخطبة بسيطة من الاستاذ محمد عن العفو والرضاء بما قسمه الله للسودان وأهله ولغته الظريفة في الإلقاء وضحك من هنا وهناك وسط شحوب يبين ويختفي ..

الان نشرب الشاي الاحمر بالقرنقل ،ونتسامر تحت سماء صافية وارض ترويها دماء الجنود وجثث متفرقة ..

يحكي إن يوم امس طيران الانتنوف احرق كمية من الأسر التي تسكن بالقرب من شارع مور ،

ننتظر ونترقب الأحداث ، والخوف من القادم والاطمئنان أننا في رعاية الله ..

عذرا فقد نسيت أن اسرد لكم شي بسيط ، بعد صلاة الجمعة اليوم اتي الي صديق من المنطقة يبحث عن دواء لي امه، دواء أمراض مزمنة ، الصيدليات الان مغلقة ، العيون تكاد أن تنزف دما قبل الدموع ، اخدنا رحلة بحث في نطاق الحي ، لمدة مالايقل عن ساعة ، نحمد الله أننا وجدناه.

في امان الله وحفظه..

بعد انقطاع للكهرباء أتت اليوم 15/05/2023

....

انقطاع دام لي أربعة أيام وثلاث ليالي ...

سرد بسيط لما حصل ...

اشتباكات متواصلة ومتقطعة النظير ...

المواطنين الان يعانون من شح الماء وشح المواد التموينية ...

شارع المعونة والانقاذ متكدس بالجثث من كل جانب ..

اليوم أتت معلومات عن اغتصابات من قوات الدعم السريع ...

الطيران الحربي يقصف مستشفي شرق النيل ...

بعض الأقاويل من سكان المنطقة الخلفية الدروشاب جنوب اللالوبة عن إخلاء للمواطنين ...

الجيش سوف يأتي من الخلف والدعم السريع في محيط كبري الحلفايا ..

والجهة الأخري جيش ..

نستلقي الان مع الأصدقاء علي ملاذنا الأمن  (فرشة رمضان )

فرشة رمضان هي عبارة عن سجاد من البلاستيك بطول 4 متر وعرض مترين نجلس عليه اثناء شهر رمضان ونفطر ونصلي عليه , نجلس عليه يوميا اثناء الحرب نتقوي ببعضنا البعض .

الشي المؤسف الي الان معظم سكان هذه الفرشة من الاصدقاء والاقارب لايملكون المال الكافي لسفر أسرهم ولو علي مكان آمن ..

الان صديقي حسن عز الدين يقول لافرق من يحكمنا جيش ام دعم سريع المهم هو الأمن والامان ..

ندردش بقلوب خانقة يكتسيها الخوف ويعلوها الامل في رحمة الله ..

لاندري ماذا سيحصل بعد كل هذا الخراب ...

الان الخريف علي وشك البدء ،

المضادات الان تقصف سماء منطقة بحري ...

عصابات النيقرز الان ترعب المواطنين في كل نواحي الخرطوم ...

الدعم السريع يستبيح المستشفيات ويسرق البيوت ويقتل المواطنيين ..

اليوم هو  16/05/2023

الان الساعة ال ٣ فجرا .. بعد اخبار وشائعات عن اشتباك عنيف بين القوتين ...

تفيد بي إخلاء مسافة ٣ كيلو متر وخروج عدد مقدر من الأسر ...

لا يوجد اي شي وهدوء يعم الأجواء ...

الحسنة الوحيدة الان اني ذهبت لتجربة موتور المياه والحمد لله الي الان تضخ ...

لا ندري ماهو الشئ الصحيح ...

أصوات الرصاص تتقطع

بعد أن ذهبت للنوم بوقت قصير ... اشتباكات عنيفة بين القوتين ..

الي الان الساعة ٨ و٤٢ مساء ..

وكل الأنباء تشير الي سقوط الخرطوم ..

اذا استمرت الحرب بتلك الوتيرة ..

بعد الأنباء عن استعداد الجيش لشن غارة علي الدعم السريع من جهة الكدرو للسيطرة علي كبرى الحلفايا ...

الدعم السريع يقتحم الكدرو واشتباكات داخل الكدرو ومناطق شمال بحري ...

الحشد الشعبي وتاجيج الشعب ضد القوات قد يدخل البلاد في موجة حرب أهلية كبيرة ...

قوات اركو مناوي علي حسب الأخبار المتداولة تحاول الدخول للمعركة ...

مما سيزيد الطين بلة ..

ليس بسبب الانضمام للجيش ...

انما لسبب أيديولوجية تلك القوات ...

معركة حامية الوطيس قد اندلعت في هذا اليوم بين الجيش والدعم والظاهر الان قد احتدمت المعركة ....

والخاسر الي الان هو الوطن ...

الساعة ١٠ مساء ...

في نفس المجلس نتناول أطراف الكلام ...

وتقتص في القلب العبرة ..

فهنالك جزء من العائلة قد قرر الرحيل الي ولاية نهر النيل عطبرة ..

اختي وزوجها وبناتهم يوم الغد ..

انها لعنة الحروب قد بدت تدخل الي الأسرة ...

والبنات يفرحون بالسفر ولايدرون ماهي هذه الحرب ...

الان طريقة تفكير معظم الناس التي كانت تايد الحرب قد بدأت في التغير ...

يفكرون في النزوح الي خارج المنطقة الحمراء ...

ومعظم الناس لايملكون قوت يومهم ...

تلك هي مستجدات اليوم ...

يوم 17/05/2023

لاشي يوجد غير الاشتباكات ...

البرهان يظهر مع جنوده في القيادة العامة ....

يوم 18/05/2023

الأسر في الحي أصبحت تعد علي اصابع اليد ، وأصبح مخيف في وسط اليوم .

فما بالك في آخره ...

الكهرباء قد قطعت ، منذ الصباح ، ثم أتت مرة أخرى...

لاشي جديد في هذا اليوم .. ف الايام اصحبت تمر ببط كبير .

19/05/2023

يصادف يوم الجمعة ، الان اجلس تحت الشجر احتسي القهوة التي أصبحت أكثر قوة ..

الان الأقوياء فقط من يستطيعون شراب القهوة ، لأن الهدوء الان تستطيع من خلال هذا الفنجان أن تغير العالم .

اليوم هو 22/05/2023

التوقيت هو ١٢:٣٠ صباحا

لا يوجد لدي عذر لغيابي وعدم تدوين ماحدث خلال الثلاث أو أربعة أيام ، ربما اكتئاب أو استياء ، وايضا لايوجد جديد في موضوع الحرب غير الدمار ، ومازلنا نفقد جيرانا وأصدقاء وأهل سافرو خارج الخرطوم ،فاليوم صديقي ماجستيك وأحمد الهادي يغادرون فجر اليوم ، إحداهما متجه الي اسوان والآخر الي بربر ، وهم من أعضاء وموسسين فرشة رمضان ،قبل اليوم فقدنا جارنا فؤاد وكان أول المسافرين وبعده عوض ثم من أهم الاعضاء أيضا قد غادر الفرشة وربما كان هو السبب في عدم كتاباتي وربما بعد أن يسافرا ماجستيك وأحمد بعد ساعات أن أتوقف مرة أخرى، علي جاري بالحي وصديق وعضو تأسيسي ،كان باب منزلهم أمام بابنا ، من أبناء الهبانيه ، وانسان بشوش ومحترم ، تتحسس الامل والحياة بجانبه ، متزوج وله تقريبا أربعة أو ثلاث من الأبناء ،علي يغادر الي شندي ومن ثم بيع السيارة والاتجاه الي مصر لي إجراءات السفر إلي استراليا ، احيانا افكر لوحدي هل سيعودون الاصدقاء والاحباب مرة أخري ، ام تستمر تلك الحرب اللعينة ، هل سنري بعضا البعض هل سنضحك مرة أخري ، هؤلاء هم رفقاء الحرب يوم بيوم وهي لم تكمل الشهرين قد غادروا مايقارب من الخمسة أعضاء ،

قد يتساءل البعض منكم من هم أعضاء تلك الفرشة؟

سأقوم بسرد الاعضاء

١/شخصي الضعيف

٢/ علي وقد غادر

٣/ محمد بن خالتي (سجارة)

٤/ محمد كامل بن خالتي

٥ / بوبوس

٦/ ماجستيك وقد غادر الي مصر

٧/ احمد الهادي وقد غادر الي بربر

٨/مجاهد

٩/ابراهيم

١٠/قصي

١١/مصعب صلاح

١٢/احمد النور

١٣/مآذن النور

١٤/ معاذ النور

١٥/ملاح

خارج هذه القائمة نملك اصدقاء وزملاء دراسة وعمل وأهل لم نستطع لبعد المسافة ولظروف الحرب أن نعيش هذه الأيام واتمني من خالص قلبي بأن يحفظهم الله ويسهل عليهم أمرهم .

لكل فرد من هذه القائمة قصة وشخصية تختلف عن الأخري لدينا المضحك والحزين ولدينا المتأمل والمتشايم من مختلف الأعمار ومختلف الاشكال والأجناس .

لقد تذكرت أيضا أعضاء شبه متواجدين معنا وهم من اصدقائي وجيراني من جنوب السودان فتحي وشوقي وكانو نعم الجار ياتوننا احيانا من يوم الي يوم اخر نتجازب أطراف الحديث عن السياسة والدكتاتوريات وظلم الحكومات وخصوصا في افريقيا اللعينة ، عن كيف تم التفريق بيننا وبين اخوتنا ، ويحكي لي أحدهم أنني قد اتولدت في الخرطوم وتربيت فيها ولم اري الجنوب في حياتي كيف اكون لاجئ واجنبي بسبب الحكومات ، عن تلك الآلام والدموع المحبوسة عندما نتكلم عن الظلم ، عن كيفية استباحة الدماء .

تقريبا الحي شبه خالي ، ولا نملك الا بعضا البعض ...

نكمل غدا ان شاء الله..

نعود من جديد ...

بعد توقف طويل لسرد الأحداث ،لا اعرف لماذا لم ادون تسعة أو عشرة أيام ، لكن سنسرد ماحدث فيها بي اختصار .

من يوم 22/5 اليوم هو 1/06

ماجستيك فقد خالته في المعبر المصري توفاها الله ولها الرحمة والمغفرة، اختها مع في مصر لي اسوان لمراسم الدفن تتوفي هي أيضا ، كلها اقدار الله .. كلها إجراءات وتشديد من جانب الحكومة المصرية بسبب الوثيقة الاضطرارية ، احمد الهادي الي بربر ، لايوجد جديد سوي مزيد من الدمار والقتل .

الان نغير موضع الفرشة الي جانب الشارع الآخر ، عدنا الي تمارين كرة القدم ..

الان أقاويل عن دك معسكرات الدعم السريع، طيبة ومعسكرات أخري ، الأمم المتحدة والدول الأخري تحاول أن تستغل الفتنة وتحويل السودان الي دمار وخراب ،

اليوم هو 4/06/2023

خلال الثلاث ايام الماضية لا يوجد شئ جديد ، كل الاخبار مجرد حروف لاشي في أرض الواقع وخصوصا في منطقتنا ، سوي صوت المدافع والطائرات الحربية، هذا هو الحال في منطقتنا .

اختي قد جاء زوجها وعادت معه الي جنوب الخرطوم، الشارع من بحري الي الخرطوم جنوب عبارة عن دعم سريع .

صديقنا نادر احمد (راستا) تم إصابته بطلق ناري من الدعم السريع ، اثر مطاردة معه يريدون اخد الموتر ، الذي كان يقوده صديقه ، هو سقط من الموتر وتم مسكه ، ثم بدأ الابتزاز بالسلاح وقالو له اركض ومع اخر مبني تم إصابته ، هذه هي الحروب .

ليست رومانسية زيادة عن اللزوم، بل واقع نعيشه ونحسه .

الدانات تصبح اقرب فاقرب .

معسكر طيبة الي الان في تخبط .

نعود مرة أخري لي أعضاء تلك الفرشة، ماجستيك فقد خالته الأخري في الأراضي المصرية، وقد عادو الي دنقلا بعد رحلة حزينة بسبب تلك الحروبات ، ولكن لي اقدار الله دائما حكمة ، الدعم السريع يوم امس يطلبون منا داخل منطقتنا أن لانخرج بعد ال ٩ ليلا ،

اليوم صديقي علي تقريبا بعد أن قارب علي العشرين يوم يسجل اسمه لدي القنصلية المصرية لي تأشيرة الدخول للأراضي المصرية ،

والي الان من حوالي مايقارب ١٢ عاما وحتي في أثناء هذه الحرب ، انام بعد أن اتشبع من خيالها .

فلا زلت كالطفل متمسك ، فهي اشيائي .

كل شي جيد مع هذه الحرب ، الا قلقي عليها ، اين هي الان ، هل هي بخير ، اتمني ذلك .

أتمني أن لايراك ذلك الذي يحمل السلاح فيتفرسك حبا ، ي الله احرسها واحرسنا .

اليوم 6/6

تذكرت شي قبل فترة ، أثناء جلوسنا بالقرب من المنزل في وقت الظهر انا وسجارة ومحمد كامل وأحمد النور ومصعب صلاح تحت مظلة جاري علي التي توجد في الشارع ونتناقش إذا برصاصة طائشة تقد المظلة وتقع في وسطنا وتحفر الأرض بكل قوتها ولم تصب أحد فينا ، هنا يأتي القدر والايمان باليوم وأنه لايوجد شخص يموت ناقص عمر ، فالحمد لله وحده لا شريك له علي سلامة الجميع .

قبل فترة تقدر بي اسبوع تقريبا يأتينا خبر كالصاعقة علينا وهو إصابة صديقنا نادر بطلق ناري من قوات الدعم السريع، تتضارب الأقاويل من هنا وهناك حول كيفية إصابته ، فالارض خصبة جدا الان للشائعات ، لكن الأقرب أنه كان برفقة صديقه علي متن دراجة نارية وتم إيقافهم من قبل قوات الدعم السريع وصديقه السائق لم يتوقف وسمع صوت تعميرة الكلاشينكوف فحفظ لسلامته قفز من الدراجة وتم القبض عليه ، وقالو له أن تاتي بصديقه ، وتم ضربه وفك الذخيرة تحت أرجله وقالو له اجري وأثناء جريه ومع اللفه تم إصابته بطلق ناري، تم إسعافه الي دكتور في الحي ، قال لهم الأفضل أن يتحول الي مشفي ، المستشفيات كلها خارج الخدمة وهو ينزف ويحتاج الي تدخل جراحي ، فبعد قدرة الكريم تم إسعافه الي مستشفي جامعة الرازي في جنوب الخرطوم وتم إجراء عملية جراحية له ، والحمد لله ايضا علي سلامته ، حدث اخر مع نسيبي محمد فاروق في الازهري كان يقود سيارة نقل ركاب (كريز) بعد أن هطلت الأمطار وكان يقود علي شارع ترابي ملان بالوحل ، وخلفه دراجة نارية ، بعد وصوله الي وجهته تم إيقافه من قبل نفس الدراجة النارية وقالو له انت تتماطل في الطريق وتقود ببطء وتم إطلاق النار علي أحد الاطارات ،فتلك سلامة من رب العباد.

الخرطوم تعيش في رعب ليس استخفاف بالحروبات السابقة في باقي وطننا العزيز ، بل هي طبيعة الحرب الجديدة لساكنين الخرطوم اللذين لم يسبق لهم عيشها ، فالحروبات ليس مرحب بها في كل العالم وليس فقط الخرطوم .

في هذه اللحظات يحتاج كل بشر يعيش الحرب الي سند وظهر يشعره بالأمان والطمأنينة، افتقد الي من علمني الصبر وعلمني كلمة الحق وعلمني بصمت الحياة وكيفيه الصبر والعيش فيها ، افتقد من علمني معني التضحيات وعلمني معني الرجولة افتقد للوجه المبتسم دوما والوجه الذي علمني كل شي .

نعم افتقد الي ابي جدا رحمة الله عليه .

ابي توفي قبل أكثر من عامين بسبب وباء الكورونا .

امي ، وما ادراك ماهي الام ، لايدع مجال للشك أن كل بشر يعيش الآن فهو يعيش بسبب امهاتنا ، فوصف أو محاولة وصف تضحياتهم لنا في صغرنا عيب وتقصير .

فكما قالو لا احد يستطيع وصف جزء من الجنه .

فاامي هي مريضة بالجلطة منذ أكثر من ستة أعوام ، وبسبب الجلطة ترتب بعدها إصابتها بالشلل النصفي ، نرضي بي اقدار الله ولكل قدر حكمة من رب العالمين .

أصوات الرصاص والدانات والمضادات والطيران تصيبهم بالهلع .

نعود من جديد ..

اليوم هو 9/6/2023

خلال الثلاثة أيام الماضية من الحرب حدث حريق كبير في مستودعات الغاز والنفط بالخرطوم ...

ضرب منزل الهادي ادريس عضو مجلس السيادة والجبهة الثورية بحي كافوري ..

بدات الدانات تسقط في الحي ، يوم امس دانة في بربيت أحد السكان ، اليوم تخرق سقف أحد المنازل بالقرب مننا ويتطاير السقف عاليا ...

الحمد لله لم تحدث أي أضرار بشرية في المنازل .

الساعة تشير الي السابعة مساء ونحن الي الان في فرشة رمضان ، بالقرب من منزل علي في الباب الكبير .

أصوات الاشتباكات تتعالي ودوي الانفجارات عاليا .

الساعة الان 1 صباحا ..

افكر ، اعيد ترتيب الامور أخري ،ربما هناك امل ، ربما هناك بقايا وطن ، ربما نعود ، ربما ربما ربما

تلك الكلمات التي ظللت أرددها خلال عمري ، اتعرفون كم عمري ؟

ياليتني كنت طفل واقول لكم عمري عامان ، للاسف عمري ٣٠ عاما وارددت ربما سنتقدم ، للاسف نتمني احيانا ويحدث عكسها ، لكن نردد بقلب قوي الحمد لله علي كل شي ، اريد أن ابكي واصرخ واقول بصوت عالي ي شياطين ي أجبن خلق الله.

كل هذا شي وكون إن اودعي امي واختي لسفرهما اخيرا ، لا اعرف الان هل انا سعيد ام حزين ،هي الظروف قد فرقتنا ولكنها أيضا إرادة الله ، قد سرحت بعيدا قليلا ، وفكرت هل انا اناني لتركهما لوحدهم ، هل اريد أن اهرب وادعهما في هذه الحرب اللعينة وتغادر ، وهنالك جانب آخر يقول لي ليس جبن لاني سوف اعاني في هذا الخيار ، والغرض الاول هو خروجهم أيضا ولو بعد فترة ، ولكل شي اقدار مكتوبة لعلها بخير علينا كلنا ، شوية مخاطر لكن بالدنيا مع أهلك , يعيشو في اوطان الغير كملوك، يعلمو الإنسانية للبشر ، ليس لنا خيار ي وطن ، لقد تعبنا ومتنا من دون أسباب ، اباحت دماء بالالف ونفس التأييد والغباء ونفس اللعبة السياسة وسببها معروف ، صاحبها يلبس شي من الاخضر بحذا قوي ، يحكمون بالسلاح ولو تعددت الطرق ، وفي كل عصر نفس الغش ، تمشي الدولة علي أصابعهم كالعسل علي صوابع بلح الشام ، وكلي شي بالتحية والتمام ،

لو ماشي تجيب فول تجي راجي بعد تمنية سنة لببتكم ، دا كلو عشان امشي اجيب فول من الدكان ، لاقوهو دفار النظام العام بالدارجي كدا الكشة لكل الشباب في الاحياء بقبضوك وتلقي نفسك في حرب ، اتخيل بس ي مومن انك عشان تمشي تجيب فول تاخد تمانية سنة حرب دوشكات وصواريخ وموت ، وانا ماشي اجيب فول ، اتخيل الناس دي ممكن تعمل شنو لو قبضت العدو أو يعملو شنو في العدو ،اشياء مايستطيع العاقل ذكرها ، فهناك فساد عام أخلاقيا ومهنيا .

الي غدا لناظره قريب

19/06/2023

مرت عشرة أيام من آخر مرة ادون فيها ملاحظات الحرب اللعينة ،

استياء من كل شي وخوف وقلق يسيطر ع الجميع ولو بأن الجميع بخير فهناك خوف فاقع في عيونهم ،

خلالها سافر جميع الاهل في المنزل باستثناء امي واختي ، وخالي وابن خالتي وأسرة ابن خالتي ، قد سافرو الي عطبرة .

اسرتي قد غيرت رايها ورأت أن المكوث في المنزل .

الدانات تقع من منازل متفرغة من المنطقة .

من أحد تلك الأحداث إن هنالك عائلة فقدت والدها بسبب مرضي الكلي

وأثناء عودة الجثمان الي الخرطوم وهم يقودون عربة صالون تم فتح النيران عليهم ليصبح عدد الضحايا من واحد الي ثلاث ،الاب والابن والاخت ، وهم أسرة يس المشهورين بالسحابات في محطة ٩ بالدروشاب جنوب .

اليوم هو 22/06/2023

لاشي جديد سوي الوعود الكاذبة والهدنات الغادرة ، اول امس سقطت قذيفة مدوية في منزل أحد الجيران والحمد لله لم يصب أحد ، خلال الفترة المضت دونت عدة احداث منها أن مدينة الجنينة الي الان محاصرة ، ومعظم مدن دارفور ، واليوم هناك حشد بين الطرفين في مدينة الفاشر ،

قوات الحلو اليوم تشتبك مع الجيش في كادوقلي .

نجلس الان في أحد بيوت الحي الخالي مع ابراهيم وقصي وبوبس ومجاهد ومدثر قال لي صديقي ابراهيم إن هناك مثل له اكثر من ٥٠٠ عام اسمه قتل امباي ماعندو جريمة .

وهو بمعني أن العبد قتله ليس في جرم ، هل هناك امل في مثل هذا الشعب .

اليوم هو 2/07/2023

مرت مايقارب ١٢ يوم علي اخر تدوين للأحداث ، الحرب مستمرة في وطني وازدادت سوء ، وفرشة رمضان التي كانت تبعث لنا الامل قد بعثرت وطار أعضاءها، فاليوم أكاد أجزم أن مكان هذه الفرشة قد هجر وأصبح مخيفا في فترة بسيطة ، في يوم عصيب خرج محمد عبد الرحمن بن خالتي سجارة ومعه محمد كامل بن خالتي وخالي حسين زوجة سجارة واختي وزوجها واختي الصغري بالعربات الي الولاية الشمالية ، وجهة لشندي والاخري لعطبرة، المنزل أصبح خاوي تماما عدا خالي مخلص ، صديقي ببوس غادر الي موطنه دنقلا ، مخلص غادر بعد يوم من مغادرة الأهل وغادر الي زوجته في الجزيرة ، الحي اصبح مثل الاشباح ليلا ، هدوء مخيف ورعب من المجهول ،واصوات المدافع تضج بالانين والحزن ،

معظم الاصدقاء تفرقوا ، عيد الاضحى المبارك مر مرور الكرام، ،

يوم الرحيل المر من الحي ، لم اعد استطيع الجلوس وسط هذا الهلع والخوف ، اين امي اين الاصدقاء اين الاحباب ، يجاوبني الحزن بالحقيقة ، لم يعد هناك فرح ، هناك الام وأوجاع ، كلها لخير إن شاء الله ،

قبل السفر بيوم واحد حصلت جريمة قتل وسط الحي أربكت الجميع وسط هذا الدمار والخراب ،

وقبلها حصلت انفجارات ودانات كثيفة في الحي مع صديقي مجاهد وإبراهيم مايقارب علي ٤ دانات .

في فجر هذا اليوم أيقنت بالسفر حق وحقيقة ، ذهبت الي الموقف والي عطبرة ، وصلت عطبرة حوالي الساعة ٣ ظهرا تقريبا ، ألقيت السلام علي خالتي فرحة وبناتها وخيلاني حسين وأنور وجمال وخرجت مرة أخري ، فجر يوم ٣/٧/٢٠٢٣ اتجهت الي حلفا في رحلة سفر استمرت حوالي ١٣ ساعة بالبص .

استقبلني صديقي علي ومنها الي حي الاشغال جوار السكة حديد ، حلفا مدينة هادئة وجميلة تحيطها الجبال ويتوسطها النيل ،

العيب الوحيد السخانة في وضع النهار والبرودة ليلا ،

في انتظار تأشيرة العبور الي دولة مصر ، وماذال السوال الي الان هل سنعود ؟

اليوم هو 6/07/2023

حلفا القديمه مدينة جميلة ، يوم امس قد تناولنا السمك البلطي بعد حرمان مايقارب الثلاث أشهر بسبب الحرب ، سعر الطلبين الفين جنيه ، اي بما يعادل ٣ دولار ،للان نتناول عصير الفراولة بالجك الكبير ، وسط نهار ساخن ، أنا وأبو الجار علي ،

الان الساعة الخامسة عصرا نتجه الي الجبل كي نحسن من شبكة الإنترنت فالمكان الذي نجلس فيه سوق حلفا يحجب الشبكة جبل كبير ، ولابد من طلوع الجبل

صلينا صلاة الجمعة يوم ٧/٧/٢٠٢٣ في مسجد التقوي بحي الاشغال وادي حلفا ، كان المسجد ممتلئ علي آخره ، وأغلبية الناس من الخرطوم ، معظمهم ينتظرون تأشيرة الدخول لمصر ، ثم عدنا للمنزل .

اليوم هو 9/07/2023

لاجديد يذكر ، الحرب مستمرة ومستعرة في بلادي ، يوم امس الحرب اندلعت في ولاية بورني غرب دارفور وتم تشريد ما لايقل عن ٢٠ ألف أسرة ،

اعضاء فرشة رمضان الان كلهم مشتتين نازحون في بقاع الوطن المختلفة .

اليوم علي الأفطار قد طهينا أن وعلي العدس ، نقطن في منزل في اخر بقعة من شمال الوطن ، ومنها الجبال والحدود ، نبعد سنين ضوئية من منازلنا ، ليست مسافة الامتار أو الزمن ، بل مسافة الأمن والأمان .

يوم امس 8/07/2023

انتقلت امي واختي الي الدامر من شندي الي منزل ايجار جديد ، بالقرب من اختي الكبري ، وهو خبر جميل جدا .

ابراهيم قد غادر الي عطبرة ، ومجاهد الي مدني .

صديقي العمدة مازال مرتبطا بالمنزل ، بمكان يربطه ، اسال الله ان يحفظه ويحفظ جميع السكان في العاصمة الحزينة .

الساعة الان ١٢:٢٠ بعد منتصف الليل

ومازال السؤال هل سنعود هو سيد الموقف ، فيحكي بعد يوم كنا نستعد لصيامه قد اصبحنا علي صوت القنابل والمدافع والدمار ، الي متي سنظل ياتري ، هل سيأتي يوم وانظر الي كل تلك السطور التي اكتبها الان وكأنها حلم ، هل سانظر لها وكأنها ماضي ، ام ستظل رائحة الموت تلاحقنا الي زمان ومكان غير معروف .

اليوم هو 18/07/2023

الان الساعة تشير الي السابعة مساء ، انا وعم حامد ومؤيد في المعبر الحدودي بين السودان ومصر، فبعد أن تحركنا يوم امس من وادي حلفا بمسافة تقدر ب ٢٥/٣٠ كيلو متر الي المعبر السوداني ووصلنا في تمام الساعة الواحدة ظهرا يوم امس حسب المواعيد

التي أعطانا لها صديقي طارق الذي قد كان قد عمل لنا مايسمي بالموافقة الأمنية لدخول الأراضي المصرية ، وقال لنا أن نتصل بشخص اسمه برعي ، الكل في حالة ترقب للدخول ، وتمر الساعة تلو الأخرى إلي أن اقفل المعبر السوداني ، وقد نمنا ليلة أمس في الجامع ، وسننام هذه الليلة أيضا بسبب اخطاء او لاندري م السبب ومماطلة عجيبة من الجانبين ، ها نحن نترقب غدا وكلنا أمل في العبور الي الجانب الآخر ، أو الرجوع الي حلفا .

في خلال رحلة الامس واليوم الجديد تعرفنا ايضا علي أشخاص آخرين ، منهم مؤمن ومعه أسرته وأسرة صديقنا طارق ، وعباس وأحمد ووالد طارق واخته ، مايقارب من الثلاثون شخص .

رحلتي من الخرطوم الي هنا رغم المعاناة ، الا اني اجد ولو لي اول مرة اني مستمتع بها ، لا ادري هل بسبب قناعتي التامة بعدم الرجوع ، ام ما رأيناه في تلك الأيام يقف هاجس خفي في عقلي الباطن ام ماذا ،

لا اعرف ماسيحصل في قادم الأيام ، هل سنعبر الي مصر ، ام سنعود الي حلفا ، ام سنذهب بالتهريب ، ام ساعود الي الدامر الي مكان ماتسكن امي ، ياتري ماذا سيحصل لنا ونحن يسوقنا القدر وحده ، تسوقنا الاحلام الي الافضل ، اجلس الان امام ابراج الشبكة العالية وتحيط بنا الجبال من كل جانب ، وصفير الشحانات بين الحين والآخر ، وأنين الذكريات بين اليوم والامس ، وتطلعات غدا بكل شوق ، فندعو الله أن ييسر لنا طريقنا ويقودنا الي مايراه افضل للجميع .

اليوم هو 22/07/2023

للاسف لم يخول لنا الدخول الي الأراضي المصرية ،

عدنا خائبين الرجاء ومنكسرين الامل ، لاندري ماهو مصيرنا ، اين سنذهب ، ماذا نفعل الان ؟

ننتظر محاولة أخري يوم الاربعاء الموافق ،

بعد رجعونا الي حلفا تقابلنا مرة أخري مع معظم الشباب ، منهم من قادر مؤمن وأسرته الي دنقلا ، ونصر الدين الي ابو حمد ، احمد وادهم اخوان في حلفا ، ومعهم عباس ، وقريبهم مجدي ، وحبيبنا عباس ،وباش مهندس احمد ، احمد الآخر لم التقيه الي الان لكن هو موجود في حلفا ، يومين علي التوالي نتلاقي ، اليوم الاول في سوق حلفا ، والجمعة المضت بالصدفة في بحيرة حلفا .

قد التقيت أيضا بفتاة اسمها نون من نفس مجموعتنا التي كانت تنوي السفر ، وقد شاء القدر أن نجلس بالقرب من بعض في الباص الذي كان متجه الي اسوان ، لكن إرادة الله أن تنقطع الرحلة ، وعدنا .

فبالرغم من قصر المسافة التي قضيناها لم تمنعنا من مجازبة بعض أطراف الحديث ، اليوم السبت ٢٢/٧ التقيتها مرة أخري في حلفا ، وهي تنوي السفر الى مصر من أجل الدراسة ، وسوف تنتظر أيضا يوم الاربعاء،

صديقي مجاهد اليوم يدخل الي الأراضي الأثيوبية ، بسبب تلك الحروبات ، الاخبار من العاصمة وبالتحديد منطقتنا الدروشاب تأتي كالصواعق ، كلها اخبار موت ، منهم ود المرحوم ، نادر اول شهيد ، ودقش من عباد الرحمن والقائمة تطول ، وتطول ،

فالكهرباء أيضا مقطوعة مايقارب لمدة أسبوع ، فيارب اعيننا علي كل شي ويسر لنا أمرنا يا رحمن يا رحيم .

اليوم هو 25/07/2023 الثلاثاء

في سوق حلفا ، علي متن الباص السفري نتجه الي عطبرة ، مرة أخرى.

يوم امس الاثنين قد كان آخر يوم في حلفا ، خرجت منذ الصباح الباكر الي السوق وفي المقاهي تتعالي اصوات وردي في اغلب المحلات التجارية ، ثم التقيت بصديق المعبر احمد عبد الباقي باش مهندس ، وهو أيضا يريد السفر إلي تلك الأراضي لزوجته وأولاده هناك ، لا ادري الي متي سيتم الترحال بدون وجه مؤكدة ، هذه هي حال الحروبات دائما تشتت الجميع في كل بقاع هذه الأرض الفانية .

بعد ان التقيته جلسنا بالقرب من فندق الشعب نتجازب أطراف الحديث بملل وضحك ، ثم ذهبنا الي محل القهوة والتقينا ببقية الشباب ، عباس وأحمد وادهم وأحمد اخو ادهم ، ثم الي البحيرة اخر اليوم ، عدنا منها تقريبا بعد العشاء ، ودعنا الشباب من علي متن عربة مجدي قريب احمد وادهم ، ثم ذهبنا انا والباش مهندس الي محل عصير المنقة ، بعد ذلك ذهبت الي نون عند محل إقامتها بالقرب من فندق نوباتيا ، وجلسنا مايقارب الساعة ثم أتت حملات الشرطة والجيش تروع المواطنين وستات الشاي ومحلات الإقامة وتم رفع السراير التي يبيت فيها الهاربون من جحيم الحرب بسبب انها ارخص من الغرف ، كانت آخر من أقابله من أصدقاء المعبر ، نون ، التي هي الآخر تريد الذهاب الي مصر ،ثم ذهبت في حال سبيلي ، اتجه الي منزلنا في حي الاشغال .

الان علي متن الباص برفقتي ، علي جاري ووالده ومييسر ومؤيد وصديق مييسر .

في رحلة طويلة الي عطبرة ، لرحلة الذهاب عن طريق التهريب .

الان الساعة تشير الي ١١:١٣ صباحا

الثلاثاء

تحركنا بعد أن تحركنا ، تناولنا الافطار علي الطريق ، نتابع رحلتنا علي انغام تومات شندي ، عارفني بريد زاد دلو عليا ، انا دبت في ريدو عطف وحنية ...

في هذه الأثناء وانا افتح تطبيق الواتساب إذا صديقي فرعون في الحالات يشير إلي أن منطقتنا الدروشاب جنوب تحت القصف الشديد ، فندعو الله وسط هذا الكابوس الذي يطول ويطول ،

فندعي الله أن ينعم للوطن بي الأمن والأمان والاستقرار.

بعد طول عناء وصلنا الي عطبرة في تمام الساعة ١٠ مساء في مشوار سفر يقارب علي ١٣ ساعة ، ثم منها ايجار غرفة فندقية لي أسرة صديقي علي ، ومنها ذهبت انا لدامر المجزوب لإلقاء التحية لي أهل البيت والاطمئنان عليهم ،وصلت في تمام الساعة ١٢ بعد منتصف الليل ،ثم ألقيت التحية علي امي واخواتي ونسيبي ، وكان في انتظاري علي شارع الاسفلت أبناء خالتي محمد كامل ومحمد عبد الرحمن ،

صباح الأربعاء 26/07/2023

شربنا شاي الصباح ثم التقينا بي الأهل ودردشات من هنا وهناك ، في انتظار القرار الذي في داخل ، ففي أثناء نومي اتصل علي صديقي علي مطالبا اي بالتحرك نحوه فورا للاتقاء باالمهرب الذي سوف يهربنا الي مصر ، لم أكن مصمم بعد علي قراري ، اتونس مع اختي وامي والقرار في راسي يدور ، هل اذهب ؟ ام لا .

قررت الذهاب ، وقبل الذهاب ذهبت الي خالاتي وخيلاني اللذين يسكنون بالقرب ، سلمي وفرحة وكوثر وتقوي وخالي حسين وحسين فايد ، الحمد لله كلهم بخير وعافية ، اختي الكبري كانت في الطريق لي إلقاء التحية علي وكان الوقت قد حان للمغادرة ، اتفقنا إن نتقابل في الشارع الرئيسي ، فعلا تقابلنا والقيت عليها وعلي زوجها خالد التحية ، وبناتها مزن ولدن وودعت الجميع واتجهت مرة أخري إلي عطبرة .

لم تتجاوز مدة زيارة أكثر من ٨ ساعات ونمت خلالها ،فترة قصيرة لكنها كافية للوداع وبل ريق الشوق ولو بالقليل ،

المغامرة الي مصر وما ادراك م التهريب

ارسل الينا المهرب عربة كريز تقلنا من النزل الذي كنا نسكن فيه الي حيث البداية من رحلة الهروب الكبير , وصلنا الي منطقة سيدون ,ثم اتت العربات من نوع بوكسي عدد سيارتان , الاخري يوجد بها نساء واطفال , التقينا صديقنا من منطقتنا مصعب (عجوز) وحمدان هما يستقلان العربة الاخري , بعد ان التقطنا بعض الصور قبل الرحيل تحركنا تقريبا في تمام الساعة 2 ضهرا , ثم واصلنا المسير في تلك الشوارع الوعرة ساعات هاربين من اوطاننا , تقريبا في تمام الساعة العاشرة وبعد مضئ اكثر من ثماني ساعات في الطريق وتعب الجلوس في تلك البكاسي والسخانة والغبار وكل ماهو سئ موجود علي تلك الاراضي , لم اكره شئ في حياتي اكثر من تلك الجبال والوديان التي تمتد علي طول نظرك , قالو لنا ان نبيت هذه الليلة هنا , افترشنا الارض بالبطاطين التي كانت معنا وتوكلنا علي الله .

يوم الاحد 27-07-2023

بعد الاستيقاظ لم يتم امهالنا كثيرا , استيقظنا حوالي الساعة الخامسة فجرا ثم انطلقنا مرة اخري في تلك الصحراء القاسية , اكاد ان اقسم ان ملامح تلك الاماكن تعكس مايحصل من دمار وندم في داخل العاصمة , اكاد ان اعض علي اصابعي من الندم , كيف يحصل كل هذا ونحن لم نستطيع ان نفيق الي الان من الصدمة .

في تمام الساعة العاشرة تم انزالنا في مكان يطلقون عليه (التخزينة) وقالو لنا انتظرونا هنا فقط , سنجلب لكم وجبة الافطار , وبالفعل بعد مرور تقريبا ساعتين عادو مرة اخري وبرفقتهم الفطور , علي ان اذكر ان الرشايدة قبيلة تعلوها اخلاق الكرم والرجولة والمواقف ,تحركنا مرة اخري نحو ارض الكنانة عابرين للصحاري والوديان محملين بالامال والاحلام الكبيرة , مثقلين بما حصل لنا في اوطاننا من تهجير ومن دمار .

بعد ساعات طوال من التحرك توقفنا مرة اخري منطقة التخزينة , ثم ايضا قالو انهم سيذهبون لصيانة العربات ثم يعودون مرة اخري , بعد ساعتين تقريبا عادو مرة اخري , وكان هنا مفترق للسيارتين اللتان كانتا تترافقان من بداية الرحلة , فهنالك عربة تتجه الي شلاتين واخري الي اسوان , تحركة العربة الاخري امامنا الي شلاتين وبقينا نحن في انتظار العربة التي تقلنا ان تاتي , بعد ان اتت قالو ان التهريب الي اسوان سعره يختلف من شلاتين قلنا لا مشكلة فنحن في نهاية الامر نريد الوصول الي القاهرة ..

تحركنا تقريبا في وقت العصر , نرسم لوحات مختلفة , هنالك من يريد القراءة ويكمل مساره التعليمي , هنالك من يريد الخروج فقط من الوطن ,وهنالك من يريد ان يسافر فقط الي خارج افريقيا اللعينة .

افريقيا القت اللعنة علي نفســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــها بسبب ماتملك , فهي كالفتاة الجميلة التي تملك كل شئ , وكل من يعرفها يريدها لنفسه بالحرام , وهي شريفة عفيفة تغتصب غصبا عنها .

بعد تحركنا تقريبا بنصف ساعة في الجبال وعندما كنا نمر بجبل وطريق وعر اذا بقوات حرس الحدود السوداني تظهر امام العربة فجاءة ,توقف السائق , ورجع بالعربة الي الخلف ثم استدار مسرعا في عكس اتجاه القوات , ثم انطلق مثل الريح في تلك الطرقات الوعرة ونحن نتشبث بالعربة بكل قوة , مخلفا وراءه كم هائل من الغبار .

بعد 10 دقائق تقريبا قد توقفنا وطلب منا النزول بسرعة وانزال كل شئ نحمله علي العربة من حقائب .

بالفعل انزلنا كل شئ ثم انطلق مسرعا وقالو لنا انتظرونا هنا وسنعود بعد قليل .

نحن في عرض الصحراء ,قليل من الماء , وكثير من العطش .

قليل من الامان , وكثير من الخوف .

قليل من النوم , وكثيرا من التعب .

قليل من الاكل او لايوجد , وكثيرا من الجوع .

ولكـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن

قليل من أليأس وكثيرا من الامل .

مرت الساعة الاولي وبدا الظلام يتسلل الينا , ولم ياتي الينا احد , ثم تمر الساعة الثانية ونحن ننتظر وصول احلامنا وليس وصولهم .

احلامنا الان اصبحت فقط صغيرة جدا تكاد ان تكون مجرد شئ تافه , فقد عرفنا كم هو الانسان ضعيف وسط عظمة الله سبحانه وتعالي , فتلك الجبال الشاهقة حتما لم تاتي بالصدفة , تلك النجوم التي تظهر وسط الليل وتكاد ان تجن من روعتها .

اصبحنا ضعفاء ننظر وصول تلك العربة فقط , فهل ستعود مرة اخري الينا وتنقذنا من هول مانحن فيه ...