كانت صغيرة، والفاجعة تفوقها حجماً، هكذا كان الأمر صعباً مؤلماً كان عليها أن تتجرع ألم الفقد باكراً كثيراً ولكنها اعتادته، وتعايشت معه ولم يعد هناك بعد الآن شيءٌ يُحدِث فارقاً عندها. جميع المتناقضات متشابهة.

بعد فترة طويلة جلست مع أمها التي كانت أول من أمسك كأس المعاناة وأشربتها إياه دفعة واحدة، لم يَدُر بينهما أيُّ حديث.. مجرد نظرات.. نظرات كانت معانيها مخنوقة مكبوتة وانتهت المقابلة التي كانت طويلة قلبياً قصيرة زمنياً ومضت الأيام. وسافرت لتعيش انكسار جديد بتبدد أحلامها الكبيرة التي تلاشت بمجرد ارتطامها بالواقع.

كانَ دوماً من الصعب أن تخبر أحداً ما فيها من عواصف ومهما كنتَ قريباً منها ورأيتَ كيف الكآبة ترتسم على وجهها لن تَخرُجَ بكلمة تبين ما فيها. ربما لأنها لا تعرف كيف تبوح.. لا تعرف كيف تترجم ما حدثَ بها بكلماتٍ وسطور ولذلك لم أتعجب يوماً بمهارتها بالرسم وكيف أنها استطاعت بمدة وجيزة أن تغدو هكذا!!، لقد سكبت كل ما بداخلها فيه.. هي كل يوم ترسم صباحاً ومساءاً.

أيضاً ستجد على سريرها مجموعة كبيرة من الدببة لكلٍّ منها اسم وتتناوب هذه الدببة يومياً بإعطائها ذلكَ العِناق وتلكَ القُبلة التي تُعطيها الأُم لابنَتِها.