فتاة الكستناء (آن جوليفر) الفصل الثاني
تلك هي آن ..آن جوليفر
ذو شعر كستنائي اللون منسدل ترتبه عادة بشكل جدائل ,أما عن وجهها فذلك النمش منثور على وجنتيها كرمال من الجنة تناثر على وجهها الجميل ليعطيه جمالا أخاذا يسحر الناظر , عيونها عيون رمادية اللون تميل للون البحر ,اكتسبت لونهما من عيون والدها كما سمعت من أهالي القرية,أما شعرها وجمال وجهها فمن أمها , تعيش مع والدتها التي تعمل في حياكة الصوف شتاء لتبيعه لأهالي المدينة, وتعمل في خياطة الملابس على طول العام على ماكنة خياطة قديمة كانت لأمها , وأحيانا حين يسوء وضع الميزانية ولا يكفي المال للعيش بأبسط الأحوال تضطر للعمل كخادمة في البيوت الثرية , هذا الحال كان منذ أن كانت آن في الخامسة من العمر , من عمل الى عمل بحثا عن لقمة العيش , فوالدها جوليفر تركهم منذ أن كانت في الثالثة من العمر ليسافر ملاحقا حلمه في أن يصبح كاتبا وروائيا بوليسيا , كانت ماري والدة آن على مدار تلك السنوات السابقة تنتظر وصول رسائله كل ثلاثة شهور بلهفة مع مبلغ من المال يكفيهم للشهور الثلاثة القادمة , ولكن بعد مرور سنتان توقف هذا الوضع وتوقفت الرسائل وانقطعت الأخبار بعد آخر رسالة كانت قد تلقتها منه قائلا فيها :
"عزيزتي ماري ..كيف حالك وكيف حال آن ..اشتقت لكم , الوضع هنا صعب جدا , لم أحظ بعد بدار نشر تقوم بنشر أي من أعمالي مهما حاولت , لا يزال الحال على حاله لكنني ما زلت أحاول , من المحتمل أن اعود قريبا , آسف لكل هذا الوقت الذي تركتك فيه بمفردك تعانين , اعتن بطفلتنا القليل بعد , وهذا مبلغ من المال أعلم أنه أقل من المرة السابقة لكن ..هذا ما استطعت تامينه .
زوجك المخلص : جوليفر
لذا اضطرت ماري لتربية واعالة آن لوحدها منذ أن كانت في الخامسة من العمر ..
في صباح اليوم التالي أشرقت الشمس من جديد توجهت آن للمدينة بسعادة كبيرة بعد رؤية السماء الساطعة , كانت لا تزال تحمل في قلبها بعضا من الطفولة , لتدخل ذاك المتجر القديم المحاط بالأبنية والدكاكين الجديدة ذات الألوان الملفتة ,ليبقى هو مميزا ببنائه القديم وبدفئ ذكرياته وبيافطته التي بهتت , كجد بين أحفاده الجدد , ترى ذلك الجد العجوز جالسا على كرسيه العتيق , بملامحه المتعبة
-صباح الخير أيها الجد
حين رأى آن تبدلت كل تلك الملامح وتبدلت لابتسامة مشرقة ووجه سعيد كوجه طفل اشترى لعبة كان يريدها منذ زمن أو كوجه طفل لم ير من الحياة شيئا بعد , ووقف على قدميه وكأن الشباب عاد فيه قائلا بترحيب:
-آن , أهلا فتاتي الصغيره
لتقول آن محتجة واضعة يدها على خصرها
-لكنني لم أعد فتاة صغيرة كما تعلم
-اذا الطفة الصغيرة كبرت لتصبح شابة جميلة اذا ها
لتحمر آن مبتسمة قائلة
--اذا كيف حالك
-بخير كما ترين سعيد برؤيتك
هذا هو الجد (فرانسوا ), كنت آتي اليه حين كنت طفلة صغيرة مع أمي , كان يعطيني الحلوى ويلعب معي , توفيت زوجته (مادلين) قبل عامين فبقي وحيدا حيث أن ولده الوحيد سافر بعيدا للعمل, يأتي الى هنا مرة في كل عام وأحيانا عامين.. , كانت له حفيدة تسمى بلانكا يفترض أن تكون أكبر مني بسنتان الآن لكن حين كانت في الخامسة من العمر توفت بسبب حمى حادة ما أدى لتشتت عائلة ابنه وبدء الخصامات مع ابنه وزوجه اثر حزن شديد ما ادى لطلاق الاثنين ورحيل الابن , ومنذ أن رآني اعتبرني كحفيدته نظرا لأني أشبهها كما يقول , ومن يومها أستمر في زيارته , باختصار جزء من طفولتي كان هنا , ألعب في زوايا هذا المتجر وأعرف كل ركن فيه بتفاصيله المملة
همت قائلة في سعادة :
-اذا ماذا أفعل اليوم لأساعدك , لأخرج هذه الصناديق الفارغة للخارج
-نشيطة كالعادة , آسف لأنني اجعلك تقومين بهذا
-لا بأس أسعد حين أقوم بمساعدتك
وبعد ان انتهت من تنظيف المكان قليلا وبيع بعض من الزبائن استأذنت بالخروج فقام الجد باعطائها قطعة من الحلوى دستها في جيبها شاكرة , وحين همت بالخروج اذ بها تلمح ذلك الشاب الطويل ذو شعره الاسود , نظرت الى مؤخرة شعره وما أن التفت قليلا لتتلاقى أعينهم بضع لحظات , كان يمشي في عجل فصرخت قائلة عسى أن توقفه
-هي أنت ..انتظر
التفت قليلا وبدأ في الجري
فبدأت بالجري نحوه غاضبة فهو لم يعرها أي اهتمام , حتى سمعت صوت أقدام مسرعة من خلفها, التفتت قليلا حتى أشار أحدهم اليها قائلا : امسكوا بها أيضا لا بد أنها صديقته , شعرت بالخوف قليلا والغرابة وعدم الفهم لما يحدث قائلة
-أليسو هم ...من كانوا يلحقونه في الأمس أيضا ..
حتى تعثرت في الطريق وسقطت ..
التفت اليها منزعجا بعدما استدرك ما حدث , أسرع ممسكا بيدها لتنهض , استمروا في الجري حتى اختفوا عبر ممر ضيق في منحنى ..مر الرجال فاقدين أثرهم بينما عضت هي فيما بعد على أصابع يده بأسنانها فيتألم صارخا بها
-ماذا تفعلين أيتها المجنونة !
-ألا تر أنني لاأستطيع التنفس من يدك
فيقول مستقطبا حاجبيه في انزعاج تام
-لا ينقصني الا انت الآن
بينما تقول آن في فضول
-اذا من هؤلاء اللذين يقومون باللحاق بك ؟
يقول وقد عبس أكثر
-وما شأنك أساسا لم تقومين باللحاق بي أأنت معتوهة ؟ وكيف حتى تعرفتي علي وأنت بالكاد لمحت وجهي البارحة أأنت صقر أم ماذا
تخرج من جيبها بضعا من النقود التي كانت تدخرهم سابقا فتمسك يده وهو متعجب لا يدري ما تفعل فاذا به يفتح يده بعدما انتهت ليرى قليلا من النقود لتقول
-أنا لست متشردة حسنا .. ولم يكن هناك داع لكي تتصنع اللطف سابقا, خذ ها أنا أعدت لك نقودك لا أحتاج صدقة منك , وأيضا عرفتك من الشامة التي خلف عنقك ولست صقرا لكن ربما أنت مجرد غبي
-لحقتني من أجل هذا وسببت لي الازعاج من أجل هذا , لم أطلب منك النقود حسنا لذا لا تسببي لي الازعاج مرة أخرى
غضبت آن وبدلت عيناها الرماديتين بشرارة لهب ونار لتقول له بينما استدارت لتمش
-اذهب للجحيم ..مغفل
ليصرخ بها
-وأنت متوحشة حسنا
تذهب آن في طريقها ويذهب في طريقه ..
تتمتم آن بكلمات منزعجة بينما تخرج قطعة الحلوى لتأكلها على عجل علها تخفف من غضبها قليلا نتيجة هذا الشخص الذي عددته في نظرها "وقح " ولم تكن هي في نظره على الأقل أفضل من كونها "وقحة" بالنسبة له !
يمشي تاركا الحجارة على الطريق تتفوه ألما بعد أن ركلها هنا وهناك وبعثرها أثناء مشيه .. معكر المزاج , ليستلقي أخيرا في سهل ما تحت شجرة من الأشجار يحاول النوم ليطل شخص من خلفه ذو شعر كثيف ,كستنائي اللون مجعد منقضا عليه على حين غرة..
رأيكم؟!................
التعليقات