ونحن على أعتاب الربع الثاني للقرن الحادي والعشرون لا زالت الشركات العربية والمحلية تكافح وتكابد في المجال التسويقي والبيعي، وتتجاهل أو لنقل تعجز في المجال التكنولوجي والإنتاجي، فالبيئة العربية إجمالاً غالب تفكيرها دراسة المنافذ التوزيعية من خلال الانترنت دون أن تعلم أن هذا العالم الشبكي (الانترنت) مصدراً للمعلومات والبحوث والابتكار والإنتاج.
وحتى اللحظة لا زال المدير العربي ينصب اهتمامه على تسويق ونقل السلع الأجنبية من مكان إلى آخر واستثمارها في الأسواق المتاحة، والقليل جداً منهم من فكَر في القفز من المركب التقليدي والضهور في مشهد الاقتصاد العالمي وبمنتجات مبتكره متواضعة وخجولة.
وجدير بالذكر أن الخوف من التكنولوجيا وإدارتها وتطويعها واستخدامها في الابتكار والإنتاج هي من تقف حجر عثرة في محيطنا وبيئتنا العربية، بالمقابل هناك شركات أجنبية خرجت من بوتقة التقليد والرتابة وطورت من منتجاتها من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة وصارت منتجاتها تغزو الأسواق العالمية وبالتالي تضاعفت أرباحها وحققت أهداف الانتقال إلى السوق المفتوحة في أي مكان بالعالم.
وتماشياً مع ما تم ذكره فقد كانت الشركات السويسرية في الأربعينات تحتكر صناعة الساعات، حيث انتجت ما نسبته 80% من الساعات الموجودة في العالم، وفي الستينات ابتكر أحد الأشخاص السويسريين الساعة الرقمية وعرض الفكرة على الشركات السويسرية، لكنها رفضت شراء الفكرة لأنها كانت مشغولة بإنتاج الساعات التي اعتادت عليها والتي تحقق لها أكبر أرباح، لم يجد صاحب الفكرة بداً من بيع فكرته إلى شركة " سيكو" اليابانية التي طورت الفكرة وطرحتها في الأسواق، حالياً 80% من الساعات الموجودة في الأسواق رقمية وغير مصنوعة في سويسرا.
وبناءً على ذلك؛ فالشركات الكبيرة والعملاقة تأخذ في الانهيار والتراجع حين تبدأ في التحول من النمط التكنولوجي إلى النمط التسويقي فقط، لذا كان الأحرى توظيف العقلية التسويقية لخدمة العقلية التنكنولوجية.
الإبتكار والتجديد يمنع الرتابة
لو تأملنا قليلاً في ما تقدمه منهجية الابتكار والتجديد من مزايا وفوائد سواءً على المستوى الشخصي أو الجماعي وحتى على مستوى الإنتاج القومي للبلد، فقوة الشركات والمنظمات وصولاً للدول تكمن في مدى مواءمتها للتكنولوجيا الحديثة التي من خلالها تستطيع إنتاج السلع وتقديم الخدمات التي يحتاجها المجتمع، وبها أيضاً تبتكر وتطور المنتوجات من خلال زيادة كفاءتها وفعاليتها.
وفي هذا الإطار كانت شركة " هوليوت باكارد " واحدة من أشهر الشركات التي تصدر منتجاتها بمجرد اكتمال نماذج مقبولة منها، ومن العجيب أن جميع منتجات هذه الشركة تصاب بأعطاب كثيره، لكنها تصدر منتجاتها الجديدة قبل أن يسأم العملاء من منتجاتها القائمة وقبل أن يقلدها المنافسون.
وتفسيراً لاستراتيجية هذه الشركة نجدها استخدمت مبدأ التجديد والابتكار التكنولوجي بإضافات للمنتج أو تطويره بتحديثات جديدة ومبتكرة، فقبل أن يسأم العملاء من خدمات ومنتجات الجيل الأول تبدأ الشركة في استراتيجية جديدة تمكنها من الاستمرار في السوق والمنافسة فيه من خلال طرح منتجاتها الجديدة، مما يعطي انطباع لدى العميل بالثقة وخلق تقبل جديد باعتبار السلعة جديدة وبها مزايا أخرى غير سابقاتها والمثال على هذه السلع: أجهزة التلفون المحمول والالكترونيات الأخرى المتجددة والمنتجات والبيوكيماوية التي تحفز المحاصيل الزراعية على النمو والتي لا يستخدمها سوى القليل من المزارعين.
التفكير خارج الصندوق
مما لا شك فيه حين يكون من المستحيل على الشركة التحكم في ظروف معقده تفقدها جزء من السيطرة مثل التقلبات الاقتصادية وأسعار الفائدة أو تفضيلات العملاء وتوقعاتهم، حيث تعمل هذه الظروف على تقييد الشركة داخل صندوق يكبل حركتها فتستسلم للعقلية التسويقية فقط، فيتبادر لها استخدام استراتيجيات تقليدية كالتسعير والجودة والخدمة، فتعتقد ان هذه الاستراتيجيات ستكون مؤشرات لبقائها في السوق، فلكي تصمد في وجه التحديات يجب عليك :
ــ تخفيض أسعارك.
ــ تزيد جودة منتجاتك.
ــ تحسن خدمات التسليم والتغليف والصيانة.
فتستمر العقلية التسويقية في الاستجابة للمنافسة بتخفيض الأسعار ومنح الخصومات وتحسين الخدمة وزيادة منافذ البيع وتحسين خدمات الصيانة، ومع ذلك لا تجدى هذه الاستراتيجيات في ظل المنافسة المحمومة بين الشركات والتقادم التكنولوجي المتسارع.
وبالتالي لم يبق أمامك إلا الرافعة التكنولوجية، بحيث تعمل على رفع الشركة الواقعة في المصيدة ودفعها خارج الصندوق وخارج المنافسة من خلال التفرد التكنولوجي لمنتجات متجددة ومبتكرة تحقق لها الاستمرارية والنمو والبقاء.
التعليقات