أخي العزيز، مشكلتك ليست في فهم الواقعية بل في تبرير الانتهازية. نعم، العالم تحكمه المصالح، وترامب وأمثاله يفرضون سطوتهم. لكن بين الواقعية السياسية والتنازل عن المبادئ فرق جوهري: الواقعي يتفاوض… لكنه لا يمسح تاريخه بقدميه. أما الانتهازي فيبدّل القناع كلما تغيّر اتجاه الريح. لم أقل أن الجولاني مطالب بهزيمة أمريكا! لكني أقول ببساطة: أن تكون واضحًا في موقفك، حتى لو اضطررت للتنازلات، أفضل من أن تتقمص هوية جديدة كل عقد من الزمن. أما محاولتك صرف النقاش إلى "لماذا لا تهاجم
0
سؤالك مشروع، لكنه ينطلق من فرضية خاطئة: كأنك تقول إن "التلوّن" هو الخيار الوحيد المتاح أمام من يريد إنقاذ بلده، وهذا غير صحيح. السياسة الواقعية لا تعني بالضرورة "تبديل القناع" أو "التنازل عن الهوية"، بل تعني إدارة التناقضات بذكاء مع الحفاظ على ثوابت واضحة. التاريخ مليء بأمثلة لزعماء واقعيين قادوا بلدانهم في ظروف أعقد من وضع سوريا دون أن يكونوا مهرّجين في مسرح تبديل الأسماء والانتماءات. خذ مثلًا: نيلسون مانديلا: فاوض خصومه وأدار اللعبة السياسية بدهاء، لكنه لم يتخلَ عن
تحيّتي لك، وممتن لمداخلتك، لكن يبدو أنك خلطت بين "تبرير الضرورة" و"تفسير التحوّل". أنا لم أقدّم خطابًا أخلاقيًا عن "اللوم" أو "الخيانة"، بل توصيفًا دقيقًا لبنية الهوية السياسية عند الجولاني، بوصفها وظيفة براجماتية تتبدل وفق السياق. وهذا التوصيف لا ينفي التعقيدات التي ذكرتها، بل يضعها في إطارها الطبيعي. نعم، الضغوط الدولية واقع لا يُنكر، والجلوس على كرسي الحكم يفرض واقعية مغايرة لقيادة الفصائل. لكن السؤال الأعمق ليس: لماذا يساوم؟ بل: لماذا كان يرفض منطق المساومة أصلًا ثم تبناه بمرونة مدهشة؟
في الواقع، ما ذكرته دقيق جدًا؛ فالمشكلة لا تكمن فقط في طبيعة المحتوى الذي نستهلكه، بل في نمط التلقي نفسه: تدفق سريع و مستمر ، وإجبار العقل على الانتقال اللحظي بين مواضيع متباعدة بلا زمن كافٍ للتفكير حتى لو كان المحتوى "جديًّا"، فإن طريقة التعرض السريع له، بلا فسحة، تخلق نفس الإحساس بالإنهاك والاحتراق الذهني الذي تسببه الريلز السطحية. الأمر ليس مرتبطًا بنوعية ما نستهلكه فقط، بل أيضًا بآلية استهلاكه، وتوقيت هذا الاستهلاك كما لمحتَ - فالاستيقاظ مثلًا لحظة يكون