في غرفة مستطيلة من إحدى غرف منزلنا الصغير ، ووسط عتمة من السراب الغريب ، كانت البداية ، خيط رقيق من شعاع النور المسائي ينبثق من خلال النافذة كأنه ناموس من عالم النور جاء يخترق بحقيقته النورانية أشباحا سوداء من عالم الشياطين ، تسكن الظلام وتستقر في الزوايا المدلهمة والأركان المسودة ، تدق نواقيس طقوسها الشيطانية المستمدة من عالم الجحيم حيث عرش إبليس منصوب له ليلقي فوقه خطبته التي تكشف زيف آماله الموعودة ووعوده المغرورة ؛ لكنها خطبة صدق لو
قريتي
يتلاشا الدوار تدريجيا كلما طوت سيارة التاكسي الطريق مقتربة من القرية. الدوار سنة طريق أفعواني يشطر جبلا إلى نصفين. بدأت تظهر بوادر وصولي إلى قريتي ، معالم على الطريق أعرفها مذ كنت صغيرا ، مازلت أذكرها حين كان أبي يأخذني معه إلى سوق القرية ، كنا نمر من ذي الطريق ، لم يطرأ عليها تغير كبير ، مازالت الملامح الكبرى لوجهها العجوز بادية من بعيد كنار قِرىً فوق علم يراها السائرون في السرى يحيط بهم الظلام في صحاري التيه ،
بين الطلل والبكاء
سأقف ولن أستوقف ، وسأبكي ولن أستبكي ، فأنا لا أريد لأي شخص كان أن يشاركني حزني ، أريد أن أكون في كل شيء وحدي ، وحدي مع نفسي. لك الله أيها الكاتب المكلوم بقسوة الأيام ، أين العمر وما منه مر؟ أين عشرون عاما التي قضيتها ؟وكأنها ما مرت ولا كانت ، أين أفراحها وأتراحها؟ أين ما حققت فيها وما لم أحقق؟ أين التعلمات والانجازات؟ أين جميلها من رديئها؟ بل أين أنا منها كلها؟ ماذا صنعت؟ وكيف سرت؟ وإلى