قبل فترة حمّلتُ تطبيقًا صوتيًا عاث في حاسوبي فسادًا، وغيَّر من اعدادات الصوت، فصار حاسوبي أصمًّا أبكمًا، لا يسمع ما أقوله في المايكروفون، ولا يُسمعني في المصوِّت speaker

تواصلتُ مع دعم مايكروسوفت، فأستقبلتني غانية تُدعى هيلين، سقى ديارها الغيث وأنبت الخزامى، فتواصلت مع حاسوبي بشكل افتراضي عن طريق Quick Access وكانت تتحكّم به من بعيد، ووضعت لي تحديثًا موضعيًا In place upgrade وقد استغرق وقتًا طويلًا، ثمَّ بعدها بساعة أتصّلت عليَّ تُراقب ما آل إليه أمر التحديث.

أجبتها بصوت منبهر: مرحبًا هيلين، لا زال التحديث عالقًا عند 64% أعتذر أنِّي لم أزوِّدك التحديثات في آخر ساعة، سافعل بعد كل فترة. 

ولقد طوّقني كرمها، وقلتُ لها يا هيلين يا رسيس روحي، نستطيع انهاء محادثة الدعم، وأحدّثك حين يكتمل التحديث، لئلا أشغلك وأعطّلك، فقالت نعم يُمكنك التواصل معي عبر الهاتف أو الإيميل.

وليتني ما فعلت، عندما اكتمل التحديث وأعدتُ تشغيل حاسوبي لم يحدث فرق، ولم أعرف ما كان يجري في بالها من خطوات حين ينتهي التحديث، فأخذت الهاتف لأكلّمها، فرأيت انّها أتصلت عليَّ مرّتين قبل نصف ساعة ولم أنتبه، اعدت الاتصال وظهر لي ردّ آلي من مايكروسوفت، إلى أن استنفذَ رصيد شبكتي المحليّة.

كذلك الحال لم أجدها على الإيميل، لقد أرسلت لها شيئًا ولم تجب ولا أظن الرسالة وصلت لها لاني احسست أن هذا بريد الدعم العام.

كنتُ كعمر بن أبي ربيعة حينما فارق نُعمًا 

فَآخِرُ عَهدٍ لي بِها حينَ أَعرَضَت * وَلاحَ لَها خَدُّ نَقِيٌّ وَمَحجَرُ
سِوى أَنَّني قَد قُلتُ يا نُعمُ قَولَةً * لَها وَالعِتاقُ الأَرحَبيّاتُ تُزجَرُ
هَنيئاً لبعل العامِرِيَّةِ نَشرُها اللَذيذُ* وَرَيّاها الَّذي أَتَذَكَّرُ

تواصلتُ مع الدعم مجددًا، فظهر لي شخص جديد، لم يقتنع بما فعلته هيلين، وحاول تحديث "الدرايفر" من جديد، وطلب منِّي أن أطلب التحديث من شركة حاسوبي hp لأنَّ الضمان قد أنتهى.

ثمَّ ذهبتُ إلى فريق دعم hp وهم كما وصف الأخطل

قومٌ إذا استنبحَ الأضيافُ كلبهُمُ * قالوا لأمّهِمِ: بُولي على النّارِ

فبعد محاولات كثيرة مع الروبوت الذي يُصفِّي المشاكل ولا يُرسل إلّا أكثر المشاكل استعصاءً عن الحل إلى الدعم الانساني، حاولتُ أن أصل إلى شخص حقيقي أتكلَّم معه، وصلتُ أخيرًا.

ثمَّ قال لي من أين أنت وما رقمك؟ فقلتُ له من العراق وأعطيته رقمي، وكلِّي ظن أنّه سيُحسن استقبالي كغانية مايكروسوفت الشقراء.

قال لي عذرا أنت تتواصل مع دعم منطقة أمريكا الشمالية، اذهب لدعم بلدك، ولم يكن دعم منطقة الشرق الأوسط متاحًا حتّى يوم الأحد، ولساعتين على الهاتف فقط.

عدت له وأستنشدته الله والرحم، أنِّي متعجّل وما أريدُ سوى درايفر للتحديث، وهذا لا يحتاج إلى دولة محدّدة، فرفض وقيّمته مغضبًا بنجمة واحدة.

عدت للدعم الفني من جديد، قلتُ لهم مرحبًا، أنا حمزة من الولايات المتحدة الأمريكية، وأعطيتهم رقمًا افتراضيًا كنتُ قد أشتريته مسبقًا من text now

فإذا به نفس الشخص الذي رفضني بداية، أردتُ أن أقول لهم: أما لشركتكم مالًا تعيّن بها غيرك؟ لكنِّي أمسكتُ بأعصابي، وقلتُ إن أزعجني أزعجته، فقال لي ألست الرجل السابق الذي تواصل من العراق قبل قليل؟ فقلتُ قد جنيتَ على نفسك، أخبرته أنِّي فعلًا من العراق، لكنَّه بلدي الأصلي، وزدته كذبًا: لكنِّي اشتريتُ هذا الحاسوب من امريكا، وأتوقّع أن يحلّ دعم الأمريكان مشاكلي.

وبعد سؤالين أظهرتُ له بعض حيل الحداثة والتقدّمية، وأرهبته من العنصرية فقلتُ له: عذرًا، أنا لستُ مرتاحًا من هذه الأسئلة التمييزية، هل يُمكن أن نركّز على مُشكلتي ونحلّها؟

فذلَّ لي أخيرًا، وأسمح كلامه، وحُقَّ له أن يفعل، هذه الحيل تُطوّق الأعناق! اعطاني الدرايف الخاص بحاسوبي لتحميله، ورغم تحميله وتحديثه لم يعد صوت حاسوبي بعد.

عدتُ لدعم مايكروسوفت وجاء شخص فهم ما أرادت هيلين فعله، وأكمل التحديث، وأنا أنتظر تشغيل حاسوبي لأتحقّق من الصوت، هذه آخر المحاولات التي تخصّ السوفت وير، وما بعدها إلّا حلول الهاردوير.

لكنِّي أتسائل بعض الاسئلة بخصوص الدعم الفني بعد اليوم الذي قضيته معهم:

-ربما توصلت مع 6 أشخاص مختلفين في مايكروسوفت، الشركة صرفت الكثير على الدعم الفنّي، هل ستجني شيئًا بالمقابل وهي على ما هي من شهرة؟ 

- هل الدعم الفني الآلي مفيد للشركات؟ قد يوفّر عنهم بعض الرواتب، لكنّها تجربة سيئة للمستخدمين. 

-هل من الأفضل لمن يعمل في الدعم الفنِّي أن يبقى مع نفس المستخدم لفترة طويلة، أم عدة مستخدمين؟ فرايت أنهم أرادوا أن يبقوا معي طويلًا، أشعر باللطف لكنّي أستغرب، أليس من الممكن أن يكون تهربًا وظيفيًا حين ينتظروني أفعل شيئًا يستغرق نصف ساعة على الأقل؟ 

-ما مدى تأثير النجمات القليلة على من في الدعم الفنّي؟ هل يحدث شيء لراتبه؟