الكون كله يعيش بانسجام ومما لا شك فيه أنه حتى يتحقق هذا الانسجام لابدَّ للكائنات من التواصل معاً بطريقة أو بأخرى و شغلني التفكير في الأيام السابقة في ماهية لغة الكون؟ وهل نستطيع تسمية نظم تواصل الحيوانات لغات؟

وضع العالم تشارلز هوكت في القرن العشرين نظرية نظم فيها تسع قواعد أساسية/سمات إذا ما وجدت في نظام تواصل ما أطلقنا عليه مسمى لغة و من ضمن هذه السمات هي عشوائية اللغة، فمثلاً من ضمن الأسئلة التي تشغلني أحياناً لمَ سمينا القطة بهذا الاسم تحديداً؟ 

نحن هنا نعني بالعشوائية انعدام وجود رابط منطقي بين مزيج الأصوات في اللغة وارتباطه المباشر بمعناه فمثلاً كلمة "قطة" ناتجة من مزيج أصوات معين لكن لا يوجد رابط محدد بين هذه الأصوات والكائن الذي أطلقنا عليه هذا الاسم فهي موجودة في الإدراك البشري من قبل وحتى دون أن نلقي لها بالاً.

هذه السمة موجودة في الكثير من فصائل الحيوان كقردة الفرفت حيث تصدر أصواتاً لتنبه إخوتها بوجود مفترس وتختلف هذه الأصوات تبعاً لاختلاف الحيوان المفترس.

النحلة مثلاً تقوم بحركات معينة في اتجاهات معينة يمكن أن نسميها رقصات وكل رقصة لها معنى معين تفهمه النحلات المجاورة.

الدلافين تصدر أمواجاً فوق صوتية تختلف لا تسمعها إلا بنات جنسها أيضاً والنمل يفرز مواداً معينة تنتقل لأجسام النملات المجاورة لنقل إشارات تفهمها النملات المجاورة وتختلف هذه المواد تبعاً للإشارة المراد نقلها وهكذا.

والجدير بالذكر أن هذه الطرائق في التواصل لا يستطيع الإنسان فهمها ولا حتى أي حيوان من جنس مختلف!

كل هذه الحقائق مدهشة ولكن أكثرها دهشة هو قدرة طير بسيط كالببغاء مثلاً على محاكاة الإنسان وتقليده في حديثه، الكثير منا قد يظن أن الببغاوات تتحدث ولكنها في الواقع تحفظ أنماط الأصوات التي يصدرها الإنسان وتقلِّدها على الفور، يالشدة ذكائها!

ليس هذا فقط بل وجد العلماء أنها تستطيع حفظ الأنماط التي تصدرها طيور أخرى من فصائل أخرى وهنا يأتي السؤال، أليست القدرة على الكلام مرتبطة بحفظ وترتيب أنماط الأصوات المسماة بالمفردات اللغوية وإصدارها، فلمَ لا تتحدث الببغاوات معنا، ولم لا نستطيع فهم الإشارات التي تصدرها النحلات مثلاً، ولم لا نستطيع تسمية أنظمة تواصل هذه المخلوقات الذكية لغات؟