ظهر فيديو الأستاذ شريف جابر الذي يطعن في القرآن و يتعامل معه ككتاب تَعَرَّض لكم كبير من التلاعب و التغيير و الحذف و الإضافة، و بالطبع الفيديو تم تصويره و إنتاجه و إخراجه بشكل عالي الإمكانيات، مما جعل له وقعا في نفوس العديدين، بالإضافة إلى أسلوبه الساخر الذي يعطي المشاهد الإنطباع بأنه لا ينطق عن الهوى. و رداً على هذا الفيديو ليس سوى توجهان، الأول هو الرد على كل نقطة طرحها، و هذا سيدخل القاريء في تشعبات تاريخية و سياسية و تراثية مملة و جدلية، و التوجه الثاني هو التوجه المنطقي البسيط الذي تعودت أن أنتهجه في كافة الأمور التي تعرض علي، بعيداً عن السفسطة و الإستعراض الكلامي. لذلك فإنه بكل بساطة و بدون الدخول في كل هذه المناورات التي قام بها الأستاذ شريف، لو كان القرآن قد مر بكل هذه العواصف من نقل من عدة كتب سابقة، و لغات مختلفة، و تنقيط ثم تشكيل، ثم ظروف سياسية أدت لإخفاء بعض الآيات و حذفها، و إضافة آيات أخرى، لو كان كل هذا قد حدث بالشكل المذكور، لوجدنا حال القرآن مشابها تماماً لكتب التراث، التي لا تختلف فقط ما بين طائفة و أخرى، و بين مذهب و آخر، بل حتى أهل نفس المذهب يختلفون في بعض ما وردهم من المرويات، و بالرغم من كل هذا التباين التراثي الواضح في الأمة الإسلامية بكل طوائفها من سنة و شيعة و صوفية و سلفية و إسماعيلية و علوية و غيرهم من الطوائف، نجد أن هناك شيئاً واحداً فقط هو المشترك بين الجميع و هو القرآن الكريم.. نعم يختلف المسلمين في تراثهم و بشدة تصل إلى الإقتتال و التناحر، إلا أنهم يتفقون من حيث لا يعلمون في القرآن، فلو كانت السياسة قد لعبت دورها في القرآن، لوجدنا للشيعة قرآنا به آيات تذكر إسم الإمام علي مباشرة لإثبات ولايته بعد النبي، و لوجدنا للسنة قرآنا يثبت أن الخليفة هو سيدنا أبوبكر، و لوجدنا للإسماعيليين قرآنا يثبت أن إسماعيل من أئمة أهل البيت، و لوجدنا لكل طائفة قرآنها كما لكل طائفة أحاديثها الخاصة.
إن وجود كتاب واحد فقط على ظهر هذه الأرض في كل دول العالم، يقضي تماماً على أي محاولة لإثبات أن القرآن كتاب محرف أو تعرض لأي تلاعب.. و إلا فإن على الذي يريد أن يثبت غير ذلك أن يشرح لنا كيف إتفقت كل هذه الطوائف المتناحرة المختلفة في كل شيء منذ القدم، أن يتفقوا على هذا الكم من التلاعب المزعوم في القرآن؟!
إنتهى الكلام.