هل العُجْب ضد تحفيز الذات؟
الإنسان بطبيعته يبحث عن النجاح، ويتطلع إلى التميز، وفي سبيل ذلك يحتاج إلى ما يحفزه ويدفعه للاستمرار، حتى في أصعب الظروف. ويُعدّ تحفيز الذات قوة داخلية عظيمة تشعل في النفس روح العزيمة والثقة، دون انتظار تصفيق من أحد. لكن ما إن يتضخم هذا التحفيز الداخلي ليصل إلى حدّ الغرور والعُجب بالنفس، فإن البوصلة تنحرف، ويبدأ الانحدار دون أن يشعر الإنسان.
ما الفرق بين تحفيز الذات والعُجب؟
تحفيز الذات هو إدراك الإنسان لقيمته الحقيقية، وقدراته، مع الاعتراف بفضل الله عليه، وسعيه الدائم لتطوير ذاته، وتحقيق أهدافه بروح متزنة. أما العُجب فهو رؤية النفس بعين الكمال، والإعجاب الزائد بها، والنظر للآخرين باستعلاء وازدراء.
فالمحفّز الحقيقي للذات يُدرك النعم دون أن يُغتر، يرى إنجازاته، لكن لا ينسب الفضل فيها لنفسه وحده، بل يشكر الله ويعترف بدعم من حوله، ويواصل العمل بتواضع. بينما صاحب العجب يرى أنه الأفضل، ويتوقف عن التعلم، ويستثقل النصيحة، ويعيش في وهم التفوق الدائم، فيخسر نفسه ومن حوله.
لماذا يُعد العُجب خطراً على النفس؟
- يُغلق باب التعلّم: فالمعجب بنفسه لا يرى حاجة لتطويرها، لأنه يظن أنه بلغ القمة.
- يمنع التواضع: والتواضع مفتاح القبول عند الناس، وسبب في بركة العلم والعمل.
- يجلب الكِبر: وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كِبر."
- يُفسد العمل: لأن العُجب يمنع الإخلاص، ويجعل العمل لذات النفس لا لله.
- يوهم بالإنجاز الزائف: فيشعر الإنسان أنه "وصل"، بينما هو لم يبدأ بعد.
كيف نوازن بين تحفيز الذات وتجنّب العُجب؟
- أن نُذكّر أنفسنا دائمًا بأن الفضل أولًا وآخرًا لله، فنقول: "ما شاء الله، لا قوة إلا بالله."
- أن نُشكر الله على التوفيق، ونطلب منه الثبات والهداية.
- أن نقبل النقد، ونتعلم من أخطائنا بتواضع.
- أن نُحيط أنفسنا بمن يذكروننا بحدودنا البشرية.
- أن نحتفظ بحافزنا الداخلي، دون أن نُعلن عن كل إنجازاتنا، أو نتفاخر بها.
خلاصة المقال:
العُجب ليس تحفيزًا، بل مرض قلبي خفيّ يُهلك النفس ولو بعد حين. أما تحفيز الذات، فهو شعلة نور داخلية تستمد قوتها من التوكل على الله، والثقة به، والعمل الجاد. فكن قويًا بطموحك، لكن متواضعًا بقلبك. واسعَ للعلو، لكن لا تنسَ أن الجبال الشامخة لا تُصدر ضجيجًا.