الشباب هم أمل الأمة ومستقبلها، ولكنهم اليوم يواجهون تحديات كبيرة تهدد استقرارهم الفكري والأخلاقي. هذه التحديات، التي يمكن تسميتها بالفتن، تأتي في أشكال متعددة، بدءًا من الانحرافات الأخلاقية والفكرية وصولًا إلى التأثير السلبي لوسائل الإعلام الحديثة. أمام هذا الواقع، يصبح من الضروري البحث عن حلول مستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية لحماية الشباب وتوجيههم نحو الطريق الصحيح.
إن أول ما يمكن الاعتماد عليه لمواجهة الفتن هو تقوية الإيمان بالله تعالى. الإيمان يشكل حصنًا داخليًا يحمي الإنسان من الانجراف وراء الشهوات والشبهات. الصلاة، على سبيل المثال، ليست مجرد عبادة بل وسيلة عملية لإبعاد النفس عن الفحشاء والمنكر، كما قال الله تعالى: "إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ" (العنكبوت: 45). إن الشباب الذين يتمسكون بالعبادات يجدون فيها طمأنينة وهدوءًا يمنعهم من الوقوع في المحرمات.
إلى جانب الإيمان، يأتي دور الصحبة الصالحة التي تعتبر عاملًا حاسمًا في تشكيل شخصية الشباب. الأصدقاء لهم تأثير كبير، إيجابي أو سلبي، على الإنسان. وقد حثّ النبي صلى الله عليه وسلم على اختيار الأصدقاء بعناية حين قال: "الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يُخالل". إنّ وجود أصدقاء صالحين يعينون على الخير ويشجعون على الطاعة هو بمثابة حصن خارجي يحمي الشباب من الفتن التي قد تواجههم.
كما أن التربية على القيم الإسلامية منذ الصغر تلعب دورًا محوريًا في إعداد الشباب لمواجهة التحديات. القيم التي يتم غرسها في النفوس تصبح سلوكيات ثابتة في مواجهة الظروف المختلفة. وقد أكدت السنة النبوية على أهمية التربية حين قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته". المسؤولية في التربية لا تقع فقط على الأسرة، بل تشمل المدرسة والمجتمع ككل.
بالإضافة إلى ذلك، ينبغي للشباب الابتعاد عن كل ما يثير الفتن أو يقود إلى الوقوع فيها. الأماكن والمواقف التي تضعف الإرادة وتجذب النفس نحو الشهوات أو الشبهات يجب أن تُجتنب. هذا السلوك الوقائي يجعل الإنسان في مأمن من كثير من الأخطار.
ولأن الخطأ وارد في حياة الإنسان، فإن الإسلام قدم الحل دائمًا من خلال التوبة والاستغفار. الله سبحانه وتعالى فتح أبواب التوبة لكل من زلّ أو أخطأ. قال تعالى: "وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" (النور: 31). التوبة المستمرة تُعيد الشباب إلى الطريق الصحيح وتمنحهم فرصة جديدة للنمو الروحي والأخلاقي.
ختامًا، إن الفتن التي تواجه الشباب ليست نهاية الطريق، بل هي اختبار لصبرهم وثباتهم. من خلال التمسك بتعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية، يمكن للشباب تجاوز هذه الفتن وبناء مستقبل أكثر إشراقًا لأنفسهم ولمجتمعهم. الأمل معقود عليهم، والمسؤولية تقع على عاتق الجميع لتقديم العون والدعم لهم في هذه الرحلة.
التعليقات