قبل بضعة أيام شاهدت لأول مرة فيلم "القاهرة 30" عن رائعة نجيب محفوظ، وكنت قد قرأت الرواية منذ زمن ولكني بُهرت أكثر بالفيلم خصوصًا من خلال آداء نور الشريف، في دور محجوب عبدالدايم. الشاب الفقير الذي يقبل بدور الزوج القواد لرجل غني بحثًا عن الثراء السريع، الحقيقة أن مثال محجوب عبدالدايم لم يكن الوحيد داخل الفيلم، عن أشخاص جاؤوا من بيئات فقيرة للقاهرة بحثًا عن الرزق، وفوجئوا بفسادها وماديتها البحتة، ولكن قرروا عكس غيرهم الانخراط تحت تلك العجلة القاسية، ووجدت في الامر مقاربة مع ما يحدث الآن في أوساط الكترونية.

فقد ترى شباب وبنات في سن صغير مقبلين على الحياة ليفاجئوا بصعوبة تحقيق الاموال بطرق شرعية، وسهولة شديدة في المقابل لتحقيقها بصورة غير أخلاقية، فشخصيًا عرفت شبابًا استهزءوا بتطبيقات المراهنة واستنكروا من يحملها، والآن هم من أكبر مستخدميها ولا يقدرون على التخلي عنها، وطبعًا قضية اتجاه كثير من البنات للايفات المنصات المختلفة، أو حتى المنصات العالمية المخصصة للعري مقابل المال، التي تجعل البنت تفكر أن لا خطر في الأمر، تجلس في بيتها وتحقق مبالغ طائلة ستقسم ظهرها إن حاولت جنيها بالطرق التقليدية، تمامًا كما فكر بطل الفيلم في كلمته الشهيرة "طز!"

فهل يكفي إعادة ترسيخ مرجعية أخلاقية قوية وأن محجوب عبدالدايم هو ركز للضعف الاخلاقي ؟ أم أن الأمر أكبر من ذلك وهو ضحية للظروف الاقتصادية كسائر الأمثلة الآخرى؟