من الصحيح أن فيلم "الإرهاب والكباب" هو فيلم مصري قديم، إلا أنني قررت مشاهدته مؤخرا لكثرة ما سمعت عن كونه علامة فارقة في السينما المصرية، وكان فعلا على قدر توقعاتي جراء مناقشته قضايا أساسية لا تزال قائمة حتى الآن على لسان نخبة من الممثلين المصريين.  فجملة "أنا مش في خدمة الوطن، أنا في خدمة الباشا سيادة اللوا، وحرم الباشا سيادة اللوا، والعيال البشوات ولاد سيادة اللوا"، تعكس واقعنا العربي بشدة، وهو ميلنا إلى تبعية الأشخاص أو الأحزاب، أو العادات والموروثات، لا القيم والمبادئ بحقيقتها.

فعلى الرغم من أن هذه العبارة أتت على لسان جندي، يتلقى أجرا لتنفيذ أوامر رئيسه، وقد لا يكون بيده حيلة، ولكني كثيرا ما أجد من يقدس أشخاصا أو زعماء، دون أي أجر مادي، بحيث يتبنى كامل نهجهم وتصبح طاعته عمياء مهما تغير وتبدل النهج. فيعتبر الأفراد أنفسهم يدعمون شخصا أو جهة في رسالته ومهمته، إلا أنهم بالفعل يصبحون أتباع لذلك الشخص وجهته فقط، وقد يصل الأمر إلى الاستعداد للتضحية بحياتهم تحت شعار قد يكون الوطن أو الكرامة. وهذا لا يقتصر على مجال زعماء الأوطان، بل حتى نجد من يقدس شخصية دينية معينة بحيث يعتبرها معصومة عن الخطأ ولا يستفتي قلبه وعقله فيما تدعو له. 

فبت ألاحظ وبشدة، أننا في مجتمع تبعية الأشخاص لا المبادئ، لا نتعلم قيادة وتوجيه أنفسنا، ولا نكلف نفسنا عناء الاكتشاف، بل نحتاج دائما إلى من يوجهنا ويقرر عنا، ونستنع بولائنا ودفاعنا عنه، كما نصفق له إن أخطأ وإن أصاب. فحتى وإن تغير النهج وتبدلت القضية، لا ينقص المصفقون إلا قليلا. ولكن كي أكون منصفة، يمكن أن نقول أن المجتمعات مؤخرا بدأت تستفيق والثورات أو المعارضين للموروثات الخاطئة دليل على ذلك، ولكن كثر لا يزالون سجناء تبعياتهم.

فهل تشاركونني الرأي في أنه تتم برمجتنا على تبعية وتقديس أشخاص لا مبادئ وقيم؟ فما أسباب ذلك في المقام الأول؟ وهل تجدون أن هذه الظاهرة ستندثر مع الأجيال الجديدة؟ وهل تعاني المجتمعات غير العربية منها لهذه الدرجة؟