هناك في العادة خطة واضحة ومكثفة ومجربة من قبل معظم الشركات الكبرى في العالم, وهي

-التكرار والتكرار

التكرار والتكرار,والتكرار يعلم الحمار,ويعلم المتعلم ما لا يُعلم,أو (الزن على الأذن أمرّ من السحر). والحضور الافتراضي يقتضي حدوث مستمر للتدفق الترفيهي,الذي يكون مبهرجا وباعثا على البهجة (المزيفة) ومصدرا للرفاهية المرئية في تضخيم لأصغر التوافه وجعلها منتجا ترفيهيا إستهلاكيا.

التكرار في التسويق هو اختيار مؤثر معين وتطبيقه على منتج,وعرضه بشكل مستمر على شريحة من الجمهور حتى تزداد هذه الشريحة اتساعا وتعلقا بهذا المنتج المقترن بهذا المؤثر.

إتباعا لقاعدة إعلامية / نفسية / اجتماعية / جدلية تنص بأن

-ما تكرر تقرر

أو بحسب التعبير الدارج (الزن على الأذن أمرّ من السحر).

وليس بالضرورة أن يكون المطلوب ملازما للمعروض,فلا يلزم العارض (النجم) أو الشخص المشهور أن يعرض بضاعته لأنه يبتغي الترويج لرسالة معينة بحسب ما يقتضيه الحال (سابقا). بل يكفيه فحسب أن يبيع نفسه الممثل فيها بضاعته.

هذا النوع من التسويق,للعلامة التجارية (منتج) أو الإعلامية (وجه إعلامي) له مسميات عديدة منها ما يسميه الخبراء (التسويق بالتضاعف المتكرر) أو (تكرار الصورة),الذي يختلف عن (البيع بالقطعة).

أشار ألن ديب في كتابه (خطة تسويق في صفحة واحدة) إلى نموذج أصغر من الحضور الافتراضي يقع فيها رجال الأعمال الصغار أو المبتدئين,وهو الميل لإغراء (الإبهار التقني) أو ما يمكن تقسميه على عاملين؛الدعاية والجودة. بالنسبة للجودة,فهي فخ الاعتقاد بأن منتج جيد (كمسار وحيد للدعاية) هو كافي للتسويق لنفسه (لا يفعل ذلك إلا قلة قليلة من العبارة الذين لا نشهدهم اليوم مع تزايد الضغط الرقمي).

-الدعاية

أو استخدام التسويق الرقمي و الإبهار التقني,وكنت أعددت مقال خاص بكل منهجية على حدة,وهي منهجيات قد تتداخل أو تجمع بين أكثر من منهجية في سياق المستخدم الإعلامي,بحسب أغراضه المتعددة. ولكن باختصار الدعاية هو نظام التسويق لمنتج معا,مع ما يرافقه من جودة في المنتج؛السلعة أو الخدمة,أو كلاهما.

الدعاية والجودة هو نظام يعرض لك فكرة / صورة موجزة أو مفصلة عن منتج جيد.

وتتحدد جودة هذا المنتج بناءا على مواصفات قياسية بالمقارنة مع المعتمد في السوق,أو بالتوجيه والتصنيف من جهة مختصة تعاين جودة هذا المنتج قبل تصديره إلى المستهلك. وهي جودة تتحول إلى منتج إعلامي يبث إلى المتلقي لحثه على شراء هذا المنتج.

بالرغم من المساحة الواسعة للتلاعب في ظل هذه المنهجية,إلا أنها تعد الأكثر نزاهة بين جميع أساليب الإعلام الأخرى.

إن الحميمية المتفجرة من الإنبعاثات الضوئية للوسائل الرقمية,حفزت البشر على تكوين نوع من العلاقات الغير طبيعية,تستشعر طبيعيتها وإستقرارها عبر الفضاء الإفتراضي فقط. مثال عن ذلك,أن زميلين بالعمل,يفصلهما جدار,ويوصل بينهما باب,إلا أن أحدا منهم لا يكلف نفسه النظر إلى زميله من النافذة مثلا,أو عبور الباب إليه. بل تستمر العلاقة بينهما عبر هذه النافذة الرقمية في صور عديدة للتواصل (نصي / صوتي / مرئي,إلخ). ويمكن لشخص أن يشارك منشور يعلن عن مرض صديق له,بدلا من أن يذهب ليسأل عن هذا الصديق. المصيبة أن المريض يتفاعل بسرور,ويزداد سروره طرديا مع ازدياد التفاعل مع منشوره. ربما أكثر من لو أتاه صديق وزاره في المنزل. في شكل واضح وفاضح لتبديل الأعراف والطبائع التي اعتاد عليها البشر.

وتتمثل عبقرية الإعلام و(لعبة الإعلام) في الربط بين أي دائرة / عملية إجتماعية كبرى, تعتمد على التصنيع والتوجيه,مثل المال (لعبة المال),والسياسة (لعبة السياسة),والقانون (لعبة القانون),والإعلام (لعبة الإعلام),بمفهوم اللعبة.

وقد لاحظنا في ظل انتشار ظاهرة الشائع الإعلامي أو الموجة (تريند) عبر تعاقب الأحداث في العام الماضي الانتقال من موجة (الشبهاء) إلى موجة (جبر الخواطر) على حد تعبير سلوى السعيد إحدى العاملات في سوق النشر. وهي موجة حاول امتطاءها في أكثر من موقف الممثل والملاكم أحمد العوضي الذي اشتهر أصلا امتطاءا لزوجته ياسمين عبد العزيز,حاول مرة مع محمد عادل (عامل النظافة صاحب واقعة كشري التحرير) وحسام بوجي (شاب لديه وجه مشوه وروح عالية). ما يدعونا حقا إلى التساؤل هو (هل هذا جبر خواطر أم عرض إعلامي Show Media؟).

بالطبع الإجابة بسيطة وسهلة,وهي الخيار الثاني. وما يقوله أحمد العوضي: (ربنا أعطاني شهرة لجبر خواطر الناس) ليس إلا مجرد تبرير سخيف نجاوب عليه بالقول أنه ليس مصلح اجتماعي ولم يقدم نفسه كمصلح اجتماعي,ولا يعمل كمصلح اجتماعي. إن هي إلا اختيارات انتقائية لبعض الشخصيات (الأقل شهرة والأكثر تعاطفا معها من قبل الجمهور) تساعد على إرضاء الانتهازية وتغذية الشهرة الاصطناعية لشخصيات أكثر حظا في الشهرة من تلك المستغلة. وهو ليس أكثر من شخص جرّب حظه في التمثيل والرياضية فلم يوفق على ما يبدوا.

ويا للعجب,بدا أن الأمر مثل عدوى,وأن من يقوم بالاستغلال لا يختلف كثيرا عن من يجري استغلاله. فها هو صاحب وقعة الكشري بعد أن حصل على تعاطف الجمهور ينال سخطهم. ويقتحم قاعات التصوير للفنانين بكل تبجح معطلا إياهم عن مشاغلهم (الفنية),بل و"يشار إلى أن عامل النظافة أعلن دخوله مجال الغناء بالتعاون مع عصام شعبان عبد الرحيم في أغنية جديدة تحمل اسم (ولاد تسعة)،التي من المقرر طرحها قريبا."[نقلا عن العربية] أعلن حتة واحدة,يا جبروتك يا أخي!.

ولا يكتفي (الفنانين) أو (المتمحكين بالفن من أجل الحصول على الشهرة) بهذا القدر فحسب, بل ويحدث التمادي,وأنه للحفاظ على الشهرة,يجب استخدامها وتداولها بين المشاهير عبر مجموعة من القرارات والتصريحات الغريبة. في عنوان لمقال صحفي على منصة أراجيك وسمته الكاتبة نرمين حلمي بهذه الكلمات

-عزيزي الفنان المشهور (بلاش فلسفة وتنظير): فنانون عرب يشجعون على عدم أخذ لقاح كورونا

والبيت واضح من عنوانه.

من باب الذكر لا الحصر نورد أيضا خبر قديم آخر عن (دعاء عمرو خالد في الحج) كحيلة إعلامية لا نقول رخيصة,بل هي في منتهى الرخص (حتى وإن كانت تحمل في طياتها افتعالا منبثق عن فعالية عاطفية حقيقية الغرض منها خلق فعالية إعلامية اصطناعية).

ولا يتوقف الحضور الافتراضي -المفترض والمفروض قسرا على وعي المتلقي- عند حد معين,وقد رصد الإعلامي اليوتيوبي بدر صالح في حلقات برنامجه (بدر اليوتيوبي) عدد من مظاهر هذه الظاهرة الإعلامية المتفشية مثل الوباء بين المشاهير وبين الجماهير على حد سواء.

ولا تنحصر عملية الرصد في عين خبيرة لإعلامي متمرس فحسب,بل وقد أُلفت كتب مهمة جدا لا تخرج مواضيعها عن محاولة حصر هذه المظاهر في ظواهر علمية مرصودة ومفسرة ومتوقعة في نوع من التنظير قلما نجد نظيره.

وفي الأخير نورد خبر رد سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي على مذيعة غربية سألته عن مقتل الأطفال في أوكرانيا (حددت له اسم طفلة معينة اسمها بولينا زابادينسكايا وقارنت وربطت بينها وبين ابنته) في محاولة منها أن تثقل عليه بالذنب -جراء مقتل الطفلة- الذي لم يتنصل هو منه,وإن كان تمسك بمبدأ الضرورات تبيح المحظورات,مشيرا إلى أن الغرب هو الذي اخترع مفهوم (الأضرار الجانبية) مطبقا إياه في حروبه ومجازره العديدة في

-العراق

-أمريكا اللاتينية

-ليبيا

وللأسف لم يذكر فيتنام أو فلسطين.

وسألها

-هل استخدمت ذات مرة نفس الشحنة العاطفية -التي تحاولين الآن شحن جمهورك بها ضدي- لتغطية الأحداث في العراق أو ليبيا عندما سقط مئات الآلاف من الضحايا المدنيين؟

ويوضح

-إن هي إلا من التبعات الإنسانية لأي عمليات عسكرية.

ويؤكد

-أو هذا هو التعبير الذي اخترعتموه أنتم

على قناة الغد