شهد الوطن العربي الكثير من التحولات السياسية في فترة القرن العشرين من قبل فرنساوبريطانيا بغية السيطرة على تلك المنطقة الحيوية وهذا نظرًا لأهميتها الإستراتيجية والاقتصادية حيث تكللت تلك المحاولات بالنجاح بعدما احتلت فرنسا عدد من الدول العربية من بينها سوريا بعد إسقاط الحكومة العربية في دمشق بعد معركة ميسلون في عام 1920م .

أوضاع سوريا قبل الاحتلال الفرنسي

كانت سوريا جزءًا من أجزاء الدولة العثمانية وعانت من الأوضاع المتردية كان يسودها الفقر والتخلف في كل القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والزراعية ، كان هنالك سيطرة للإقطاعيات التي كانت الدولة العثمانية تشجعه ، وظهرت الكثير من الكوارث الطبيعية ولم يهتم الولاة بتعديل الأوضاع بجانب فرض الضرائب الباهظة ، وظهور الاضطرابات والحروبالمستمرة والكثير من المشاكل الداخلية ، وبالرغم من جهود الدولة العثمانية للتعديل ولكنها قد جاءت متأخرة .

دخلت الدولة العثمانية الحرب العالمية الأولى 1914-1918م بجانب ألمانيا مما أصيب الأراضي العثمانية بالشلل الكامل وانعكس ذلك على الولايات العربية والتي كانت سوريا جزءًا منها ، وعانى السوريون من ظروف اقتصادية صعبة نتيجة للحرب ، وأصبحت مقاطعات كاملة خالية من الغذاء .

الانتداب الفرنسي على وسوريا

وُضعت سوريا ولبنان تحت سيطرة الانتداب الفرنسي عملًا بما جاء بمقررات مؤتمر سان ريمو والذي عُقد في الفترة ما بين 19-26 ابريل عام 1920م في ايطاليا ، ووفقًا لذلك وضعت سوريا تحت الانتداب الفرنسي والذي اقر بانسلاخ البلاد العربية التي كانت تحت الحكم العثماني وكان الهدف من ذلك هو إعطاء الشريعة لفرنسا لاحتلال سوريا وهذا لمراعاة مصالحها الاستعمارية والعمل على تأمين مصالحها الاقتصادية في سوريا من خلال استغلال واستنزاف مواردها المحلية والذي استمر حتى 17 ابريل عام 1946م عندما خرجت نهائيًا من سوريا .

وقامت الحكومة الفرنسية بحكم الانتداب موظفها الرسمي الذي حمل اسم ” المندوب السامي الفرنسي ” ممثلًا لها في كل من سوريا ولبنان بعد أن أسقطت الحكومة العربية في دمشق وأنهت الإدارة العربية فيها في 24 يوليو لعام 1920م ، وكان المفوض السامي هو صاحب السلطة في التعامل مع شئون الأجانب والقناصل والمراقب في الوقت نفسه لجميع الشئون الإدارية والسياسية والمالية ومراجعة وزارة الخارجية الفرنسية .

وقد أرادت فرنسا ضمان مصالحها الاقتصادية بشكل كامل في سوريا فعمدت على تطوير بعض الموانئ الساحلية حتى تستفيد منها وقامت بفتح المنافذ التجارية في حلب وباقي المدن السورية لتأمين الطرق التجارية مع العراق وإيران .

آثر سياسية الاحتلال الفرنسي على سوريا

أدت السياسية الاحتلالية لفرنسا إلى عرقلة الحياة الاقتصادية وتمثلت في التالي :

-تمزيق الوحدة السياسية إلى دول حكومات كل منها دولة لبنان الكبير مما أدى إلى تمزيق الوحدة السياسية للبلاد وظهرت دولة حلب ودولة دمشق ودولة العلويين ودولة جبل الدروز ، ولواء الأسكندرونة والذي كان له وضع خاص وأدى ذلك لحرب اقتصادية وحرمان سوريا من سواحلها .

-تم ربط العملة السورية بالفرنك الفرنسي غير المستقر ، وسحب عملة البلاد الذهبية .

-تم إقامة ما يسمى باسم مجلس المصالح المشتركة ، والذي أصدره المفوض السامي الفرنسي هنري بونسو وفقًا للقرار 3115 في 14 مايو لعام 1930م وهو مفهوم إداري اقتصادي اتبعه الاحتلال الفرنسي في سوريا وأنشأت له إدارة خاصة وجعلتها مرتبطة بالمفوضية العليا وجرت إداراتها بواسطة رؤساء وموظفين فرنسيين ومساعدين من السوريين فبدت وكأنها حكومة داخل الحكومة .

مع الامتيازات الكبيرة التي تمتعت على حساب مصالح الدويلات المحلية السورية ، وقد اشتملت هذه المصالح على القضايا الاقتصادية ودوائر البريد والبرق والجمارك والآثار والسكة الحديدية والموانئ والمطارات والمصالح العقارية والجيش وغيرها .

-استثمار رؤوس الأموال الأجنبية في المصارف والشركات وتم إهمال القطاع الزراعي والصناعي مما زاد من عبأ الأوضاع المالية .

-انتهج الاحتلال الفرنسي سياسة الباب المفتوح والتي ترتب عليها فتح أبواب سوريا على مصراعيها أمام البضائع والسلع الأجنبية وإهمال التصنيع المحلي .

بجانب ذلك مارست السلطات الفرنسية الإجراءات التعسفية التي أدت لقيام الثورة الكبرى عام 1925م وقد مارست قوات الاحتلال إجراءات تعسفية لقمع الثورة وإسكاتها .

خروج الاحتلال الفرنسي من سوريا

كانت الاحتجاجات التي قام بها الشعب السوري عام 1946م ، وواجهت القوات الفرنسية مقاومة شديدة جدًا بالشمال السوري وكانت ثورة الفلاحين ، وتم رفع الشكوى لمجلس الأمن في شهر ابريل عام 1964م وتم تطبيق قرار إجلاء القوات الفرنسية عن الأراضي السورية وتم تطبيق القرار في 16 مايو أيار لعام 1964م