تاريخ الحجاز
تمهيد:
لا يوجد الكثير ليقال قبل البعثة فقد بدأ المؤرخون الكتابة عن تاريخ الحجاز في القرن الثامن الميلادي متأثرين بالقرآن الكريم فأضافوا من عندهم وأقتبسوا من اليهود، وليس ذلك بعجيب فجدب الأرض وجفاف التربة وعورة المسالك لم يجذب أصلًا الملوك العظام ليحكي مؤرخوهم عن هذه البلاد وإذا جذبتهم فقد فشلوا في إقتحامها، فظلت منعزلة عن العالم المتمدين وبقت على حالة البداوة حتى هاجر إليها بعض اليمنيين بعد سيل العرم، ومن مدنها مكة وبعض المدن التي سكنها اليهود قبل وبعد الميلاد بفترة صغيرة.
ننوه أن التاريخ التالي مبني على الحكايات العربية، لذا... لا تتوقع الكثير من الصحة بل أتمنى التصويب، تنسب الروايات العربية والقرآن -حسب فهم البعض- تأسيس مكة إلى إبراهيم -عليه السلام، ولقد كان إبراهيم يعيش في مدينة أور الكلدانية -حسب فهم اليهود أيضًا- وهاجر إلى فلسطين هو وزوجه سارة ثم إلى مصر ومعه لوط -بعيدًا عن رواية التوراة الغير منطقية بالمرة هي وتواريخها لأن من الصعب الحقيقة توقع جمال سارة في تلك السن- وأيضًا بحق الجحيم مستحيل أن يكون الملك مصري ولكنه على الأغلب هكسوسي لأن لا تنطبق على ملوكنا أي من هذه المواصفات، على الأقل مواصفات الاعجاب بإمرأة عمرها قارب ال100,
ثم تأتي القصة المعروفة من ترك إبراهيم لهاجر وإسماعيل في الصحراء، ثم تفجر عين زمزم، ثم جاءت جرهم لتسكن بجوار البئر ثم شب إسماعيل وتزوج من إحدى بناتهم، ثم قصة الذبح المعروفة وقصة الضيافة. وينكر بعض المستشرقين القصة مثل الأستاذ موير بدعوى إختلاق اليهود لها لتقوية علاقتهم بالعرب وتسهيل تجارتهم، معتمدًا على أن اوضاع العبادة مختلفة تمامًا، ولكن يرى الدكتور هيكل أنها حجة ضعيفة لأن الوثنية جاءت بعده بكثير وأنه ببساطة قد يرفض العرب دين إبراهيم كما فعل الناس في العراق وفي فلسطين.
وبنى إبراهيم وإسماعيل الكعبة لتوحيد الله، ولكن دارت أساطير حول أن الملائكة بنوها، ولكن لا أساس لها من الصحة، ثم الحجر الأسود الذي يرجح البعض أنه حجر بركاني أو نيزكي أو سقط من الجنة وكان أبيض اللون ثم تغير لونه بخطايا الناس إلى الأسود، وبعد وفاة إسماعيل وقعت في أيدي الجراهمة -الذين تزوج منهم- ثم بني خزاعة حتى أدخل عمرو بن لحي الخزاعي أول الأصنام إليها وهو هبل وجاء به من الشام، ومن القصص أن القبائل في عهد الرسول أختلفت في من يرفع الحجر الأسود فأقترح عليهم الرسول أن يضع الحجر على ثوبه وكل قبيلة ترفعه ووضعه في المكان بيده.
وفي تاريخ الكعبة هدمت وأعيد بناؤها عدة مرات على قواعد إبراهيم، مرة أيام يزيد بن معاوية وعلى يد الحجاج، ثم مرة عام 1040 هـ بسبب السيول، وشاركت مصر بالحظ الأوفر في إعادة البناء حتى أصبحت بشكلها الحالي.
وأما سلالة العدنانيين فهي كالآتي عدنان أنجب نزار الذي أنجب "ربيعة" ومضر" ومن أعقاب ربيعة بكر وتغلب، "مضر"--> عبس وذبيان وسليم وهوازن وتميم وهذيل وخزيمة، "خزيمة"--» كنانة وأسد، "كنانة"--» فهر (قريش).
وتولى الجراهمة الإشراف على الكعبة، وأشتهروا بالظلم ونهب الأموال حتى كانوا يأتون الفحشاء في جوف الكعبة، وجاء بعدهم الخزاعيون وطردوا الجراهمة ومنهم عمرو بن لحي وقصة احضاره للصنم هبل أنه مرض مرضًا شديدًا فذهب لحمة في بلقاء الشام فبرئ منها وسأل قومها ما الذي تعبدونه فأعطوه صنم هو هبل، وآخر ملوك خزاعة هو "حليل" الذي جعل ولاية البيت إلى ابنته وأعطى مفتاح البيت لقريبه أبو غشبان الذي تحايل عليه قصي بن كلاب القرشي وأستطاع شراء المفتاح منه بعد شربه -أي أبو غشبان- الخمر، فقامت معركة بين الخزاعيين والقرشيين أنتصرت فيها قريش
وآل أمر البيت لأحفاد إسماعيل.
قصي بن كلاب: تقول الروايات أنه تربى بعيدًا عن بلده ولذلك سمي قصي، اما اسمه الحقيقي زيد بن كلاب، وعندما عاد لمكة لم يعجبه أن أمر قومه في يد غيرهم فظل يتحايل حتى يصل للملك، في بعض الروايات أنه تزوج من ابنة حليل وفي أخرى أنه خدع أبو غشبان، ومن إصلاحاته: 1- جمع أفراد قريش المبعثرين وأسكنهم بالقرب من البيت الذي كانوا يخافون الاقتراب منه لقدسيته ليحموه ويتعهدون له بالصيانة ولم يترك مسافة إلا بما يسمح للطواف.
2-بنى قصرًا سمي دار الندوة، واختصاصه البت في كل الشئون التجارية والحربية، مثل اعلان الحروب وحمل الراية ولا يدخلها من هو اقل من 40 سنة، وكذلك أختصت بالمسائل الشخصية مثل الزواج
3-إثارة عاطفة الكرم والضيافة لدى القرشيين وجمع منهم الضرائب لإطعام فقراء الحجاج، وهيمن على السقاية وهي إحضار الماء من الآبار المجاورة لسقاية الحجاج
4- كانت له الحجابة والسدانة، أي أحتفظ بمفتاح الكعبة، وبذلك أضاف سلطة دينية.
بعد وفاته بمدة حدث صراع بين بنو عبد مناف وبنو عبد الدار أبنائه، أنتهت بان السقاية والردافة لعبد شمس بن عبد مناف، والحجابة والندوة واللواء لبنو الدار، ثم تنازل عبد شمس لأخيه هاشم بن عبد مناف: أطعم جميع الحجاج وليس الفقراء فقط، وحدث بينه وبين أمية بن عبد شمس خلاف لرغبة الثاني في تقليد الأول وفشله، ونظم رحلتي الشتاء والصيف لليمن والشام، وأطعم أهل مكة جميعًا في عام قحط، فأصبحت قريش مركزًا عالميًا للتجارة وبريد عالمي لنقل البضائع فأمتزجت فيها الثقافات ودخل لغتها ألفاظ رومية وفارسية وحبشية -استعملوا الروم والفرس والأحباش كحراس-، وعقد العديد من التحالفات مع ملوك العراق وبيزنطة وحمير وغيرهم، ثم تزوج وأنجب ابنًا واحدًا هو عبد المطلب: حفر زمزم لتسهيل الحصول على المال للسقاية ووجد الكنز الذي دفنه آخر ملوك الخزاعيين، وكان عبارة عن غزالتين من ذهب وسيوف ودروع، وبعد الإحتكام لصاحب القداح -قرعة- عند هبل جاءت الغزالتان من نصيب عبد المطلب، زين بهم الكعبة ، وعلا صيته بعد بئر زمزم، ونذر نذرًا بقتل أحد أولاده اذا بلغوا عشرة، وذهبوا لصاحب القداحة ووقع الإختيار على عبدالله، فحدثت قصة جميلة حيث ذهبوا لراهبة أخبرتهم بعمل القداحة عدة مرات حتى تأتي على الإبل وليس على عبدالله ليفدوه بعدد المرات التي جاءت فيها على عبدالله مضروبة في الدية -عشر جمال-، وأصبحت مئة، ثم تزوج عبدالله من آمنة وهكذا.
نظام الحكم في الجمهوية المكية: كانت حكومة بلوتقراطية -الحكم فيها للأغنياء- ووصل الحكم في عهد عبدالمطلب لأيدي 10 وزعت بينهم المناصب:
1-الحجابة: لبني عبد الدار، حتى بعد الفتح ظلت في يد عثمان بن طلحة من بني عبد الدار
2-السقاية: في يد بني هاشم، وكانت في يد العباس بن عبدالمطلب
3-الديات والأشناق: اذا أحتمل صاحبها شيئًا فسأل فيه قريش صدقوه، وكان في يد أبو بكر
4-السفارة: الحق المطلق في البت في شئون الصلح، عمر بن الخطاب
5-اللواء: كبير القواد، لبني أمية، أبو سفيان بن حرب
6-الرفادة: الإشراف على ضريبة إطعام الفقرا، نقلت إلى بني نوفل بن عبد مناف، الحارث بن عمرو
7-الندوة: رئيس الجمعية الوطنية، الأسود من بني عبد العزى بن قصي
8-الخيمة: حراسة قاعة المجلس، الحق في حشد الجنود ودعوة الجمعية، خالد بن الوليد
9-الخازنة: لبني حسن بن كعب، الحارث بن قيس
10-الأزلام: الإشراف على السهام -الحظ-، صفوان بن أمية
محاولة أبرهة هدمة الكعبة: بعد بناء كنيسته القليس وتدنيس بعض المكيين لها أراد هدم الكعبة لأهداف دينية وتجارية، وهُزم لأسباب لا دخل للقرشيين فيها فقد كان موقفهم سلبيًا، وبعد الهزيمة أشتهر المكيون أكثر وطالبوا القبائل بمطالب غريبة ففرضوا على الحجاج قواعد جديدة لتوسيع نفوذهم، فمنعوا أي طعام لا يقدم لهم، وأجبروهم على الطواف عراة أو بملابس يقدمها الحٌمس.
الصراع الهاشمي الأموي:
ذكرنا محاولة أمية لكسب سلطات هاشم وفشلها، وأستمر الأمر في نسليهما، فبينما أحتفظ بنو هاشم بمنصب السقاية، أحتفظ بنو أمية بمنصب اللواء والحرب وأرتبطوا بالبيوت الأخرى وكثر غناهم فزاد نفوذهم كثيرًا، وأختفى الصراع في عصر الخلفاء ثم عاد مجددًا في العصر الأموي.
ما زال هنالك للكتاب تكملة ولكن لم ألخصها بعد ولا أعتقد أنها بتلك الأهمية لأقوم بتلخيصها لذلك يمكن أن أعلن الآن توقف هذا السيل من المقالات، وداعًا.