يُذَبِّحُونَ أَبۡنَآءَكُمۡ وَيَسۡتَحۡيُونَ نِسَآءَكُمۡۚ وَفِي ذَٰلِكُم بَلَآءٞ مِّن رَّبِّكُمۡ عَظِيم 49
أما القول بأن التذبيح كان للبنين فقط دون الإناث , فهذا تخصيص للمعنى دون دليل , لأن كلمة "أبناءكم " تشمل البنين والبنات يعبر بها القرآن الكريم عنهما معاً وأحياناً يعبر بها عن البنين فقط , وأحياناً آخرى عن البنات , وإستحياء النساء الوارد في الآية الكريمة ليس معناها البنات , وكيف تسمى الوليدة الرضيعة حديثة الولادة امرأة ومن النساء !!,
ولو سرنا مع هذا التفسير لضللنا ضلال بعيدا, إذ أننا سنسقط كل أحكام النساء الواردة في القرآن الكريم على البنات الرضيعة والأطفال ! والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.
وهذا المعني والتفسير الذي سقناه آنفا أقرب لروح هذه المأساة, والهدف المنشود من ورائها, فهو بالمفهوم الحديث " تطهير عرقي " ومحاولة إفناء شعب وأمة,
أما إستحياء النساء المصور في هذه المشاهد, المفعمة بالأسى والأنين , فهو غاية العناء ونهاية الليل المظلم البهيم , الذى احتوي شعب إسرائيل , والهيب الذي اكتوت منه أفئدة هؤلاء المستضعفين , وأفنت ما بقي لديهم من كرامة وماءاً في الوجه الكالح الحزين , إن إيقاع الأذى والمهانة بالنساء شيمة كل لئيم عارٍ من كل الفضائل حقير وذميم , فما بالك بما نراه في هذه المشاهد المفجعة المصورة من خلال شاشة القرآن الكريم الكونية نساء من ذوات الخدور , وأرباب الحجاب , وعنوان العفة والفضيلة يساقونهم اللئام المجرمين للخدمة في بيوت العتاة من حاشية فرعون وباطنته والملاء من القوم المجرمين , وما يصاحب هذا السوق من مهازل يندى لها الجبين , وانتهاك لحيائهن , وذبح لعفتهن يضاهي ذبح الأبناء والبنين , هؤلاء الطغاة اللئام يستحيون نساء الشعب العريق في النسب , كريم الأصل , نجباء الفصيلة
وقد كان ذلك ابتلاء واختبار من الله تبارك وتعالى لشعب بني إسرائيل , وهي سنة الله تبارك وتعالى فيمن يريد تطهيرهم واصطفائهم على العالمين , والتمكين لهم في الأرض , دعاة للحق مخلصين , ولا يفسدوا في الأرض متجبرين , وتأتي النجاة بعد الغرق في حمئة العذاب المهين , ويأتي الخلاص الموعود به في الكتاب الأول من ربقة الاستعباد , وعودتهم للحياة من جديد , وكيف يمكن لفئةٍ من الناس تعرضت لكل هذا الهلاك المحقق مادياً ومعنوياً , ثم ينجوا الشعب ويتخلص ويتعافى , ثم .... يعود للحياة الكريمة من جديد ! ... إنها قدرة الله تبارك وتعالى القاهرة لكل الظروف والأسباب ومكر الطغاة المجرمين ,إنها رحمة الله تبارك وتعالى الرحمن جل جلاله البر الرحيم , تداركت شعب إسرائيل , وجعلتهم فوق الطغاة المجرمين , والبلاء المذكور في الآية الكريمة يعنى ويتضمن الاختبار من ناحية العذاب على بني إسرائيل , ويعنى كذلك النعمة العظيمة الوافرة الجسمية التي كانت في إنجاء بني إسرائيل , فهو بلاء عظيم من ناحية ونعمة عظيمة من ناحية آخري في التطهير والارتقاء للذرية التي تركت ما كان عليه أسلافهم من التوحيد إلى الوثنية والتنديد , وما كان لهم ذلك أبداً ولا يليق بأولاد الأنبياء ذوات النسب الكريم .
التعليقات