بعد نكبة 1948 حيث اعلن اليهودي بن غوريون عن قيام دولة خاصة ببني صهيون في أرض فلسطين الحبيبة، شاع في المواقع وربما حتى في الواقع، شاع تداول اسم تل الربيع على أنه إسم المدينة الفلسطينية التي أًُسست بدلها المدينة العبرية تل أبيب،….. فما نصيب هذا الإعتقاد من الحقيقة؟

 وما علاقة مدينة يافا بتل أبيب التي طالما قرنت باسمها؟ 

لكن قبل كل ذلك لابد من تسليط بعض الضوء على من لقبت يوما... بعروس فلسطين.... عن ياف أتحدث، كل هذا وأكثر تجدونه في السطور القادمة........ 

يافا أو يافة وبالفرنسية JAFFA كانت تمثل العاصمة الثقافة لفلسطين لإحتوائها على أهم الصحف اليومية و دور النشر وكذا الأندية الثقافية وهي مدينة عربية فلسطينية كما عرفت بعروس فلسطين ، لأنّها تقع على ساحل البحر المتوسّط، وعلى بعد 55 كم إلى الجهة الغربية من مدينة القدس، وبسبب موقعها المتميّز تعتبر مدينة يافا من أجمل المدن الفلسطينية وأكثرها روعةً.

أسسها الكنعانيون قبل الميلاد، وقد ازدهرت المدينة في العصور القديمة،و تعاقبت عليها حضارات كثيرة منها: الحضارة الفرعونية والحضارة الآشورية. 

وفتحها الصحابي عمرو بن العاص رضي الله عنه عندما دخلها خلال الفتوحات الإسلامية في العام نفسه الذي دخل فيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه القدس.

أصل التسمية 

يعود أصل تسميتها باسم "يافا" إلى العرب الكنعانيون أنفسهم ، الذي يعني المنظر الجميل، وقد أشار المؤرخّون إلى أنّ معظم الأسماء التي أطلقت على مدينة يافا عبر العصور والحضارات المختلفة، كانت جميعها ترمز إلى الجمال والروعة، وهذا دليلٌ قاطع على إجماع العالم كلّه بحضاراته المختلفة على روعة وجمال هذه المدينة. 

من أهم معالمها :

- جامع المحمودية أو مسجد يافا الكبير

- مسجد حسن بك: هذا المسجد واقع في حيّ المنشية، ويعدّ المعلم العربيّ الإسلامي الوحيد في حيّ المنشية، بسبب قيام العصابات اليهودية بتغيير وهدم كلّ شيء عربي في المدينة.

- ساحة الساعة: وتعرف كذلك باسم ساحة الشهداء وهي ساحةٌ تقع وسط المدينة، حيث تتصل بالطرق الرئيسة للمدينة. 

ماذا عن تل أبيب؟ 

- تعتبر حاليا  مدينة "تل أبيب" ثاني أكبر مدينة و العاصمة المزعومة "للكيان الصهيوني"، القائم في دولة  فلسطين الحبيبة، ووتل أبيب هو الإسم العِبْرِيُّ الذي أعطاه الكاتب والمترجم "ناحوم سوكولوف" لرواية "آلتنويلند" بمعنى (أرض قديمة جديدة)، التي ألفها ثيودور هِرْتْسَل (مؤسس الحركة الصهيونية الحديثة والذي دعا اليهود إلى إقامة دولة خاصة بهم في فلسطين )، واقتبس هذا الإسم من التوراة المحرّفة( سفر حزقيال). 

- تصف هذه الرواية دولة نموذجية من النواحي الإجتماعية والزراعية والتكنولوجية.  

- لقد شاع مُؤخراً في مواقع التواصل العربية شاع إستخدام إسم "تل الربيع" على إعتبار أنه الإسم العربي الأصلي لمدينة تل أبيب، وهذا خطأ  يقع فيه الكثيرون بحسن نية، لعدم معرفتهم بأصل تسمية هذه التسمية. 

تل الربيع هي الترجمة العربية الحرفية للكلمة العِبرية "تل أبيب"، التي  قامت على أنقاض المدينة الفلسطينية الجميلة "يافا" JAFFA 

(الملقبة بالجميلة وعروس المتوسط) وقراها المحيطة بها، أكبرها قرية "الشيخ مُؤْنِس" وقرى أخرى كقرية: جريشة، قرية المسعودية (صميل) ،قرية سلمة وغيرها.... 

- نجد اليوم أنه قامت على أنقاض قرية الشيخ مؤنس عدة حارات عِبرية منها حارة : رمات ابيب، جامعة تل أليب ، هدار يوسف، نفي افيفيم… 

- بقي من القرية العديد من المنازل قائما حتى الان، قسم منه تحول إلى معاهد و أبرز معالمها الباقية هو بيت "إبراهيم أبو كحيل" ، الذي يستخدم اليوم كنادي لأساتذة جامعة تل ابيب، وهو بيت أثري مميز بلونه الأخضر الفاقع . 

تأسيس تل أبيب :

-  كبداية  وإبان الحكم العثماني تم شراء قطعة أرض محددة في مدينة يافا وتم تسجيلها على اسم "دافيد يلين" ، أحد نشطاء حركة صهيون ، لكونه يحمل شهادة مواطنة عثمانية آنذاك. 

- بين عامي 1909 - 1910  و في ظل الحكم العثماني لفلسطين أيضا ، تم تأسيس حي عبري إنطلاقا من مستوطنة تُكنَّى "أحوزات بيت "  في سنة 1909، وأخذ اسمها مؤقتا، وضم  العديد من البيوت في البداية، ثم ازداد عددها رويدا رويدا وبعد عام واحد فقط سمي بحي تل أبيب. 

- نُسب تأسيس حي تل أبيب إلى" مئير ديزنكوف" و أيضا إلى المعماري "  عقيفا أرييه فايس" إلا أن  ديزنكوف أخذ شهرة واسعة وصار رمزا قوميا لليهود.

 و يجدر بالذكر أن تأسيس هذا الحي كان بمثابة شعلة صغيرة أصبحت حريقا مهولا أحرق الوردة الفلسطينية يافا لاحقا. 

تولى" مئير ديزنكوف" إدارة الحي ،وبدأ في عمل المشاريع الحيوية والتي تضمنت  : مد الحي بالكهرباء والماء ، الصرف الصحي ، إنشاء  صيدلية   ، محال تجارية ونقابة المعلمين ومكتبة عامة، ونظرا لتوفر الخدمات المدنية للسكان وبسبب طابعها العبري إنضمت  الأحياء الإستيطانية اليهودية القديمة الواقعة في محيط مدينة يافا ،لحي تل أبيب ، لحقتها الأحياء اليهودية الحديثة . الامر الذي ضاعف مساحة تل أبيب وكذلك ضاعف  نسبة السكان فيها. 

في عام 1921 فصلت الحكومة البريطانية تل أبيب عن يافا ثم بعدها ب 15 عام أي في 1936 أُعلن عن إعطاء بلدية تل أبيب مركز مدينة وتم إنشاء ميناء خاص بهذه الأخيرة . مما يعني قطع ٱخر ارتباط لتل أبيب بيافا .

- ومنذ عام 1948، بدأت تل أبيب في التضخم تدريجيًّا، والتهام أجزاء أخرى من يافا. 

قال الكاتب عباس محمود العقاد لما زار فلسطين 3 سنوات قبل احتلالها : "لمست فيها عن كثب ذلك الصراع العنيف الذي أحسبه أعجب صراع بين مدينتين متجاورتين في تاريخ المشرق أو في تاريخ العالم بأسره وهو الصراع بين مدينة يافا ومدينة تل أبيب"

ثم أضاف : " حتى ليبدأ الشارع أحيانا  في يافا وينتهي في تل أبيب" 

وفي آخر مرحلة  تم تهويد يافا وهدم جزء كبير منها ثم  اندمجت تل أبيب بيافا وأصبحنا موحدتان إداريا تدير شؤونها بلدية مشتركة تدعى بلدية " تل أبيب - يافا" حفاظا على اسم يافا التاريخي وكان ذلك في سنة 1950. 

وهكذا تحولت يافا إلى مدينة أثرية عفا عنها الزمن..

لم يبقى منها سوى  بضعة أحياء مهمشة ولازالت تهجر سكانه الفلسطينيين. إلى يومنا هذا…..  

في العام 2009 احتفلت" تل أبيب" بالذكرى المئوية لتأسيسها...... بل احتفلت بالذكرى المئوية  على اختفاء جميلة فلسطين : عروس كنعان الموؤودة، التي تنتظر من يزيل التراب عن قبرها…. هناك في أرض فلسطين. 

من الآن فصاعدا أعتقد أنه وجب علينا أن نقول في كلامنا.... وأن نكتب في كتبنا : يافا... وليس تل الربيع... حتى تترسخ هذه الفكرة في عقول أطفالنا... الذين سيحررون فلسطين يوما ما بإذن الله. 

بدأت تل أبيب بفكرة يهودية عبرية.... وستنتهي بفكرة إسلامية عربية....... 

احملو معكم هذه الكلمات…. احملوها إلى أطفالكم.. أصدقائكم… وكل من حولكم، حتى نشعل تلك الشرارة التي ستكبر بإيماننا و بإخلاصنا فتصبح إعصارا فيه نار، يحرق تل أبيب فتزهر يافا، يحرق بني صهيون فتزهر فلسطين

قال الشاعر هاني أسعد دكة : 

سلام عليك أم البحر يافا                      يا عروسا تزينت كأنها العذراء

يا موطني وحبي ويا مهجتي                 يا دار جدي قد عز اللقاء

انت في قلبي يافا وفي دمي                   يا منارة يشدو بها الشعراء

وختم قصيدة ب : 

يافا عروسَ البحر قومي وانهضي            وانفي عنك ما دنس الأعداء 

أقسمتُ عليك أم البحر فلتجيبي                متى الموعد يافا واللقاءُ

عاشت فلسطين حرة و مستقلة. 

والسلام عليكم ورحمة الله. 

 المصادر :

موسوعة ويكيبيديا 

موقع موسوعة نت 

موقع almayadeen.net

مجموعة يافا الكشفية والإرشادية

إبراهيم اسنات