لنأخذ مثالا عن كون شخص معين ( أحمد مثلا ) ذاهب للتسوق و بينما أحمد يمشي صادف أمامه شيئا مفاجئا و هو أن باحة السوق قد تم إغلاقها قبل الموعد المعتاد للإغلاق و عندما سأل أحمد أحد الحراس المكلفين بتنظيم السوق عن سبب هذا الإغلاق المبكر أخبره بأن السبب هو أنهم تلقوا تعليمات بغلق السوق و هم نفذوا ذلك و وضعوا لافتة تشير إلى أن السوق قد أغلق ..
الشيء الملاحظ في هذا المثال هو أن ذلك الحارس قد أخبر أحمد بالسبب و لكنه سبب يتعلق بالمكلفين بتنظيم السوق فالحارس أجاب أحمد بالسبب الجانبي الذي يتعلق بهم شخصيا أي بما دفعهم هم بالذات لإغلاق الأبواب .. و هو بطبيعة الحال ليس السبب الذي سأل عنه أحمد الذي نوى البحث عن السبب الرئيسي ( الحقيقي ) الذي دفع إلى إعطاء تعليمات بإغلاق السوق .. فالسبب الحقيقي هو الذي صنع الأسباب الثانوية الفرعية الأخرى و هو من قام بإحداث تغيير في الحالة العادية لموعد إغلاق السوق .. و هذا السبب قد يكون مقنع فعلا .. بمعنى آخر هو أن إغلاق السوق مبرر عقلا و أخلاقا لأجل تفادي هذا السبب .. قد يكون هذا السبب هو تنبؤات باحتمالية حصول زلزال بالمكان أو عواصف رملية هوجاء تحوم في تلك المنطقة أو ربما أمطار غزيرة على وشك الحدوث .. و بالتالي فإن إغلاق الأسواق هو تصرف حكيم لتفادي خطر هذه الأسباب الطبيعية ..
و كم هي الكثير من الأمثلة و الأجوبة التي نتلقاها لا تحتوي في مضمونها على الأسباب الحقيقية .. طيب سؤال : هل من الضروري للسائل أن يعرف السبب الحقيقي حتى يرتاح ؟ و الجواب هو : نعم هو شيء ضروري جدا و له عدة فوائد على أحمد و على زيادة درجة فهمه لما يجري حوله و في زيادة راحته و طمأنينته النفسية ناحية الحياة .. فالمجاهيل في الحياة التي لا تفسير مقنع لها تبقى مثيرة للخوف و للتوجس و لا يمكن الإرتياح في الجهل بها .. لأن النفس الإنسانية بالفطرة ترتاح للمألوف المعروف و تتوجس من المجهول الغريب .. و الرغبة في التعلم عن مجاهيل الحياة هي في الحقيقة رغبة نفسية في اتقاء و تجنب أخطار ذلك المجهول عن طريق بناء استعدادات نفسية لتلك الأخطار .. فالجاهل بالأخطار هو شخص فاقد لحذره و لن يفهم بسهولة الطرق الصحيحة لتجنب تلك الأخطار ببساطة لأنه جاهل تماما .. و الجاهل الذي لا يحرص على التعلم في كل شيء هو شخص غافل لا يدرك بأن هناك أخطار ينبغي أن يفهم و يتعلم عن طرق تجنبها .. و أيضا بالعودة إلى أحمد تفيده معرفة السبب الحقيقي إضافة إلى الوعي بمسائل النقاشات و التعليل فربما يصبح أحمد مدرسا يوما ما .. و إذا ما سأله التلاميذ في يوم ما عن سبب إغلاق السوق فإن لدى أحمد الخبرة السابقة و القدرة على الإجابة .. و أيضا لدى أحمد سبب وجيه يقوله لأمه التي لا تقتنع بسهولة إذا ما عاد إلى البيت و سلته فارغة 😅 لذلك تحروا عن الأسباب الحقيقية حتى تبنوا عالما فكريا و روحيا متوازنا 👍 و شكرا 🙏😌
التعليقات