بعد كل مشروع ناجح، نمر بلحظة فخر وسعادة ثم لا ندري كيف ولا متى، ينطفئ ذلك الحماس الذي كان يوقظنا من النوم ويشعل أفكارنا ليلاً ونهارًا، والشغف الذي كان رفيقنا طيلة الرحلة، يختفي فجأة وكأنه أتم مهمته وغادر دون وداع، ونبدأ بالتساؤل: هل هذا طبيعي؟ هل اعتدنا الركض خلف الهدف أكثر من فرحة الوصول؟ أم أننا كمستقلين نحتاج إلى وقود داخلي متجدد بعد كل إنجاز؟ شعور مربك لكنه شائع أكثر مما نظن. ماذا تفعلون أنتم حين تشعرون بأن الشغف قد أخذ استراحة بعد كل نجاح؟
فقدان الشغف بعد كل مشروع ناجح، ما السبب؟
أنتِ كالفنانة التي تُنهي لوحةً عظيمة، ثم تقف أمام اللوحة فارغة اليدين، لا تعرفين ماذا بعد. المشكلة ليست في الشغف، بل في الطريقة التي تعامِلين بها نفسك بعد النجاح. الشغف ليس شعورًا سحريًا يأتي ويذهب، بل هو رأس مال عاطفي تُنفقه أثناء الرحلة، وإذا لم تُجدده بوعي، ستصاب بالإفلاس الوجداني بعد كل مشروع. النجاح هنا ليس السبب، بل هو الكاشف. يكشف أنكِ استثمرتِ كل طاقتكِ العاطفية في الهدف، ولم تبقي شيئًا للـ ما بعد. مثل عداءة ماراثون تُنهي السباق ثم تكتشف أنها تركت كل قوتها على المسار، ولم تخطط كيف ستعود إلى المنزل.
الشغف ليس ضيفًا ثقيلًا يزوركِ ثم يغادر... هو ابن بيئتكِ الداخلية. إذا أردتِ ألا يهرب بعد كل نجاح، توقفي عن معاملته كشعلة مؤقتة، وابدئي في رعايته كـنار أبدي... تحتاج فقط إلى تهوية الرماد بين الحين والآخر.
اعتقد أن هذه الحالة معناها أنكِ ربما تمرين بحالة burn out أو احتراق ذاتي وهذا أمر طبيعي حيث أن التوتر الناجم عن المشروع وحالة الشد والجذب يستهلك طاقة ويكون الجسم في احتياج للراحة والتغيير في هذه الحالة.
صحيح، وهذا بالضبط يُشبه ما كان يحدث لنا في الجامعة، حين كنا نذاكر لساعات طويلة لاختبار صعب، ثم نؤديه بشكل ممتاز، فنشعر بعدها براحة غريبة وكأن عقولنا قررت تأخذ استراحة دون استئذان، لا نفكر في الامتحان التالي ولا نخطط لشيء، فقط نحتاج لهدوء، والآن أفكر أن أتعامل مع الأمر بنفس الطريقة وأسمح لنفسي ببعض الوقت القصير للراحة المقصودة، مع شيء بسيط ومحبب يغير مزاجي كخروجة خفيفة، أو نشاط بلا هدف إنتاجي ثم أرجع بعدها بتدرج، وبخطوات صغيرة لأعيد الحماس والنشاط من غير ضغط على نفسي.
لا أتفق مع ذلك، بل عند الانتهاء من المشروع يسود داخل المستقل شعور بالفخر والإنجاز فهو قد أتم عمله على أكمل وجه، وصاحب العمل كان سعيد بمخرجات المشروع وعندما يعطي تقييم جيّد يشعر المستقل أنه أدى واجبه على أكمل وجه..
أظن ما تشعرين هو تعوّد الكفاح والاجتهاد بحيث لا تعطين نفسك فرصة للراحة والفرح، ربما تعودتي على الاجتهاد كثيراً حتى أصبح هو كل ما يشغلك ويمنع شعورك أنك انتهيتي من العمل..
ولكن ماذا بعد؟ هل تشعر أنك ترغب في استكمال النجاح والانتقال إلى مشروع آخر سريعًا؟ المشكلة الشائعة هنا هي فقدان الشغف لفترة بعد إتمام المشروع، حيث قد يبرر المستقل ذلك بأنه تعب كثيرًا ويحتاج للراحة، لكنه يجد نفسه في النهاية يسترخي لفترة طويلة جدًا وكأن هناك نوعًا من التردد أو الخوف من البدء في جديد، وهذه الحالة يمكن أن تكون بمثابة فخ، لأن الراحة الممتدة قد تؤدي إلى شعور بالكسل أو حتى القلق من بدء المشروع التالي.
أعتقد أنه شعور طبيعي تمامًا.نمرّ به جميعًا، لكننا غالبًا نُسيء فهمه. نخلط بينه وبين الفشل، أو نظن أننا فقدنا الاتجاه فجأة. بينما هو في الحقيقة مجرد استراحة، أو هدنة قصيرة بين موجتين.
نحتاجها، حتى نستعيد طاقتنا، ونفهم أنفسنا من جديد.
وبالنسبة لي؟ لا أقاومه. أتركه يمرّ، أهدأ معه، وأسمح لنفسي أن أتنفّس بدون ضغط. أقرأ، أكتب، حتى لو لم يكن هناك هدف واضح.
وبالنسبة لي؟ لا أقاومه. أتركه يمرّ، أهدأ معه، وأسمح لنفسي أن أتنفّس بدون ضغط. أقرأ، أكتب، حتى لو لم يكن هناك هدف واضح.
لكن لو تركنا أنفسنا لهذه الحالة دون مقاومة، أظن أننا قد نغرق في هذا الشعور لفترة أطول مما ينبغي، الراحة مهمة ولكن إذا تجاوزناها بشكل مفرط دون تحفيز للعودة إلى العمل أو المشروع التالي، قد نشعر بالركود أو فقدان الحافز، أعتقد من المهم أن نضع لأنفسنا حدودًا زمنية للراحة، وأن نحرص على أن لا تتحول هذه "الهدنة" إلى عادة تمنعنا من التقدم، فالتوازن بين الراحة والعودة للمسار هو ما يمنحنا القدرة على النمو والاستمرار في الإنجاز.
أظن أن ما تقولينه هو امتداد لفكرتي، ولا تعارض بيننا، فأنا لا أرى في الاستراحة دعوة للكسل، لكن على الأقل التقاط الأنفاس دون أن نضغطها بشعور دائم بالذنب. وأنا مثلك، لا أؤمن بالبقاء في هذه الحالة للأبد، ولا أراه صحيًا أصلًا. لكن ما أؤمن به هو أن الراحة ضرورية، وطبيعي جدًا أن نشعر بها بعد إنجاز كبير مثل مشروع ضخم أو حتى المهام العادية اليومية، يجب أن يكون هناك فواصل تمنحنا الراحة.
التعليقات