بسرعة طباعة تبلغ حوالي (100) كلمة بالدقيقة، تستطيع طباعة نص من (400) كلمة على محرر النصوص (Word) بأقل من (10) دقائق. نضيف لمكونات الطبخة (10) دقائق أخرى لتوليد أفكار مناسبة لموضوع بسيط، فنحصل على مقال تختلف جودته باختلاف خبرة الكاتب وعمق معرفته.

ربما تحتاج بفضل خبرتك الكبيرة، إلى دقائق معدودات لإنجاز عمل بجودة مقبولة. ولكن، هل أنصحك باتباع هذا النهج؟

على الرغم من قدرتي على كتابة مقال خلال أقل من ساعة أو نصف ساعة (طالما أن الموضوع ليس صعباً، ولا يتطلب بحثاً مطوّلاً، أو إبداعاً من نوع خاص)، إلا أنني لم أفعل ذلك طيلة مسيرتي.

سرعة الإنجاز مهمة، وتزداد بتطور المهارات والخبرات. لكن بالمقابل، فإن الجودة تزداد تصاعدياً، كلما زاد الوقت المخصص لإتمام العمل المنشود (إلا بحالات خاصة، يبزغ خلالها فجر إلهام فجائي خاطف: «يا بتلحق، يا بتروح عليك!»).

بينما أستطيع إعداد مقالة بوقت قياسي، إلا أنني أستهلك كل مرة وقتاً أطول بكثير لضمان الوصول على جودة أعلى، لا تتأتى إلا بالكتابة المتأنية، ثم إعادة الكتابة مرة تلو أخرى، حتى أخرج بأفضل نتيجة ممكنة ضمن نطاق قدراتي الكتابية الحالية.

ما الفائدة من استثمار وقت أطول لكتابة مقالة أو تصميم صورة مثلاً؟ الفائدة يا صديقي المستقل، تتمثل بتحقيق جودة عمل أفضل، مما يكسبك مزيداً من العملاء، ويعزز رضا عملائك الحاليين، ويزيد بالتالي فرص تعاونهم معك مجدداً.

يمكنك توفير ساعات من وقتك عن طريق إنهاء العمل بأقصى سرعتك، لكنك ستخسر مقابلها عشرات العملاء، وفرصاً ثمينة لا تتكرر. بل وستفقد فرصة إطلاق أقصى إمكانياتك، التي لن ترى النور إلا إن منحتها الوقت والجهد الكافيين.

عندما تجلس لتكتب أو تصمم أو تنجز مهمة أخرى ضمن مجال تخصصك، ضع قلبك فيما تفعل، وتصرف كما لو كنت متحمساً لإنجاز عمل مميز (حتى إن لم تكن تشعر بأدنى حماسة وقتها) يبقى حاضراً في الذاكرة، بصرف النظر عن الرسوم المتوقعة.

لا يعني كلامي هذا أن تقدم خدماتك بثمن بخس، بل يعني ألا تعتبر السعر معياراً للوقت والجهد الواجب بذلهما. سواء خفّضت أسعارك أو رفعتها، حافظ دوماً على الجودة العالية، تكتسب خبرة أوسع، وتربح مزيداً من العملاء الأوفياء.

إنها خلطة سحرية لا تكفي الكلمات لتبيان أثرها العظيم. ولكن تأكد أنك حين تضع روحك وقلبك فيما تفعل، بقطع النظر عن القيمة المادية لقاءه، تفتح أمامك أبواب النجاح على مصراعيها، وتأتيك الأفكار الخلاقة من كل حدب وصوب.