تحمس القلم من كثرة الكتابة، فبدأ يبكي ملطخًا الورقة. حماسه شوَّه المنظر، فنفر القارئ منها، ولكنها أصبحت بعين الفنان لوحة..

لقد تكلم القلم مع هذا الإنسان الذي جعل للطخات معانٍ وأحجام، ووضع في ذهن من حوله الاستفهام، ففسر ووضع لها اتجاهًا؛ لأنه ليس كل اللطخات أوساخ، ولا كل الأوساخ قذارة..

وبين خربشات طفل يحاول التحكم بالقلم والألوان وفنان تباع لوحاته بأغلى الأثمان، خيط رفيع فهذا يستطيع التفسير، والآخر ينقصه فن التعبير.

حتى بالقمامة دائمًا يوجد ما يجلب العين لون غريب أو حرف تلتقطه العين، ولطخات السيال مثلها مثل لطخات الكلام، فتكون إما شعرًا ملحونًا وكلامًا موزونًا، وإما حكمة مجنون، وإما سذاجة درويش، وإما رصاصة موت، وإما نقطة فراق، وإما خلق عدو لدود؛ لأنها لا تمر في غالب الأحيان بالأذن، بل تصيب الصدر، فتحطم الضلوع، وتصبح ذكراها يومًا مشؤومًا، أو تطرب الأذن فتنفض الغبار وتذهب الظلام.