تصفحت (لين) هاتفها، لتقع عينها علي رسالة أثرت فضولها لتفتحها، قارئة إياها.

الرسالة:

أستيقظ يوميًا، أصلي فرضي، أتنهزه مع أطفالي، أعمل علي تحقيق أهدافي، أري نجاحي أمام عيني على أرض الواقع، يدعمني ذاك المتنمرون يومًا،أحاول أن لا أفرق بين أبنائي.

الجميع يري أن حياتي كاملة، لا تشوبها شائبة ‏ حزني هذا، في أشد لحظاتي نجاحًا، تكون البسمة المرتسمة على محياي ما هي إلا بسمة متوار خلف منها حزني الكامن في فؤادي.

إعراض إنسحاب الذنب من داخلي بسبب طبيبي النفسي، السبب في هذا موت ابنة عمي، أجل أنا فتاة وحيدة لأهلي، ولدت وابنة عمي هي أختي، صديقتي، وهي لم تكن إلا سببًا في تعاستي، شعور الذنب الذي لا يفارقني.

كنا دائمًا سويا، إرتدنا نفس المدرسة، وحقيبتنا واحدة لا يفرقها سوي اللون.

حتى كليتنا أُجبرت هي من والديها عدم مفارقتي، أعلم أنها تحب كلية الفنون على عكسي أحب التاريخ، أخبرتها أنه كان بإمكانها الرفض، أن تحاول أن توصل رغبتها أعلم حينها أن عمي لم يكن يرفض إن ألحت ولكنها إختارت الطريقة السلسة.

لتبتسم لي إبتسامة مليئة بالسخرية

تخرجنا، وبدأت كلٌ منا في التركيز على مستقبلها أكثر، توظفت أنا بدار نشر لتصحيح الأخطاء التاريخية، وأكملت بجانب ذلك تعليمي، وتعلمت ثلاثة لغات تساعدني على الوصول لمكانة أكبر في مجالي، حينها لقيت دعم من العائلة بأكملها، أما هي أحبت الرسم منذ الصغر فبدأت برسم الوجوه، الطبيعة، الأماكن الأثرية، ولم تلقِ

من عائلتها سوي كلمات إحباط، وتكسير إجنحة لم تعرفها سوي الفتيات، الموضوعة بمقياس العادات التي تحيط بها أي أسرة فتياتها.

ألتمست لها العذر حينما بدأت في البعد عني، تجنبتني،لكنني أدمنت وجودها، مشاركتها لي، تجولنا سويا، تبادل ملابسنا.

حاولت التخفيف عنها، دعمها، بدأت بتصوير لوحاتها ومشاركتها للإصدقاء عندي، تفاعلت مع كل لوحاتها، كتبت لها كلمات مشجعة، إلا أن قلبها تقلب، ولم يعد مكان في قلبها،أعلم أنه ليس بإرادتها، يؤذيها نجاحي ، أصبحت حياتي باهتة، أشعر بالبغض تجاه عائلتنا لأنها السبب في هذا الجفاء بيننا.

أستمرت حياتنا هكذا نلقي السلام على بعضنا ألقيه بحب وتبادله بجفاء.

تزوجت كلٌ منا، ومرت السنوات، وفي علمت أنها علي خلاف مع زوجة، وقابعة بمنزل العم، دلفت حينها لأتفقدها، سمعت حينها عمي يهمس لزوجته بصوت يصل للآذان:

_ولو أن (ريم) كانت إبنتنا لمَِ وضعنا بموقف هكذا مع زوجها، ابنتك لن تهدأ سوي بموتي.

لأنزل رأسي بإحباط لن يتغير يومًا

طالعت بعدها عينيها لآراها قاسية متحجرة بالدمع، والشرر يتطاير من عينيها.

حاولت أن أتحدث معها، أن أضمها، أخفف عنها، أخبرها أنها أجمل، أقوي، وأنقي، وأذكي النساء.

لكنها فرت هاربة كعادتها لأنهض بيأس.

وأستأذن بإحراج لأصعد لبيت والدي، لم تمر سوي نصف ساعة وأتفاجئت زوجة عمي تصرخ، صراخ مزق فؤادي على أثر معرفتي، كان الصراخ على ابنة عمي، حبيبتي، أختي التي لم تلدها أمي، رفيقة أيامي، ياويلتي صِحت بها، ولم أفق سوي علي صوت الممرضة الفرح بعودتي للحياة بعد غيبوبة دامت لشهرين، أبت مقوماتي البيولوجية العيش دونها.

كان في رثائها:

قولي لي عزيزتي:

إلي من سأركض لأحتمي بأحضانها؟

مَن سيستمع إلي شكوّاي؟

مَن سيهتم بأمري مثلكِ؟

مَن يا رفيقة الطفولة، المراهقة، والشباب؟

سيصعب علي الإستمرارية ،والتعايش مع حياتي ،لطالما لم تشاركني إياها ، أخذه بيدي داعمة لي ، مهونة عليّ مرارة الدهر.

تأثرت (لين) بشدة بهذه الرسالة وأضافت على رسالة هذه الفتاة:

إلي متي سيظل المجتمع يحيط بالفتاة بقوقعة المقارنة،إلا يعلم أن القوقعة حجمها لا يتسع أحيانًا لعدة أسماك مختلفة، هكذا الفتيات كل فتاة لها مميزات تتميز بها عن غيرها، فتجد هذه الفتاة معلمة متفانية في عملها، ولا تجيد طهي الطعام في أحيان آخري، وهذه الفتاة تجيد طهي الطعام بأنواعها ولا تحبذ التعليم.

هكذا خلقنا، لكل منا شئ يتميز به، أيعترض المرء على هذا، الكثير من الفتيات في هذا المجتمع توضع تحت المقارنة، لدرجة أنها لا تثق بنفسها بعد ذلك، لا تحب نفسها، تبدأ بجلد ذاتها، لا تؤمن بها، أهذا شيء جيد، أتق الله أيها المرء في أبناء.

#مقارنة_غير_عادلة

#حكايات_نمنم_لـ30_يوم_غير_كل_يوم

#منة_محجوب.

#شهرالفرحة