في حياة الإنسان، لا يمكن إنكار وجود التأثير والتأثر، فهما جزء أساسي من تكوين الشخصية وبناء الفكر. فالإنسان يتأثر بمن حوله، كما يؤثر في غيره، سواء أدرك ذلك أم لم يدركه. ومع تطور الزمن، لم يعد هذا التأثير مقتصرًا على الأسرة أو المجتمع القريب، بل اتسع ليشمل فضاءً أوسع يُعرف اليوم بالسوشيال ميديا والإنترنت.
في العصر الرقمي، أصبح التأثير أسرع وأقوى، حيث يتعرض الصغار والشباب يوميًا لكمٍّ هائل من المحتويات والأفكار المختلفة، بعضها نافع، وبعضها يحمل تأثيرًا خاطئًا قد ينعكس سلبًا على الفكر والسلوك. وتكمن خطورة هذا التأثر في أن كثيرًا من المحتويات تُعرض بشكل جذاب، مما يجعل تقبّلها سهلًا دون تفكير أو نقد.
إن التأثر الخاطئ لا يعني فقط تقليد سلوكيات غير مناسبة، بل قد يصل إلى تبنّي أفكار مشوّهة، أو معايير غير واقعية للحياة، أو فقدان الثقة بالنفس، خاصة لدى فئة الصغار والشباب الذين ما زالوا في مرحلة التكوين الفكري والنفسي. وهنا لا تكون المشكلة في الإنترنت بحد ذاته، بل في غياب الوعي والتوجيه.
ومن هذا المنطلق، تبرز أهمية دور الأسرة والمجتمع في المتابعة والتوجيه، لا من باب المنع أو التضييق، بل من باب الحماية وبناء الوعي. فالمتابعة الواعية تساعد على ضمان السلامة الفكرية والنفسية، وتمكّن الشباب من استخدام هذه الوسائل بشكل إيجابي يعود عليهم بالنفع بدل الضرر.
وفي الختام، يمكن القول إن التأثير والتأثر سلاح ذو حدّين، وما يحدد نتائجه هو وعي الإنسان وقدرته على التمييز. فالسوشيال ميديا أداة، إما أن تُستخدم للبناء والتعلم، أو تُترك لتكون سببًا في الانجراف. ومن هنا تبدأ المسؤولية: مسؤولية الفرد في اختياره، ومسؤولية المجتمع في توجيهه.
التعليقات