في أحد الأيام، وبعد أن تخامرت الأفكار في عقلي، قررت أن أتخذ موقفاً مما يحدث، ففي عمر صغير، يواجه المرء ضياعاً شديداً بين الأمور الكثيرة وانتمائه لها، وخيار أن يعود به الزمن لذلك العمر من أجل أن يجد التوازن والميول المناسب أمنية مستحيلة.

وباختصار شديد وفي أحد الأيام الصيفية الحارة قررت تجربة كل شيء مما أحب ولا أحب! بدأت برسم لوحات غريبى تترامى الألوان عليها، أحاول بجهد أن أصنع بها عمل فنان محترف رغم قصر تدريبي وقلة تعلمي. ثم شعرت أن بالإلوان فظاظة وغرابة بعيدة عني فتركتها واتجهت علّي أكتب بعضاً من الشعر الفصيح، فكتبت ماتخامر في فكري وعقلي حتى خرجت مني الأبيات متتابعة كنسيج مترابط، إلا أنني وبعد أن حصرتها في زاوية الحكم والتدقيق، بدأت أرى الفجوة بيني وبين فحواها الغزلي الرومنسي، وبت أراها مغتربة عن قلبيّ الذي لم يذق الحب قبلاً. ن يعود به الومن أن

على أي حال لم أستسلم، وانطلقت مجدداً إلى فن جديد، أنحت، ومع كثير من الأعمال التي نحتها بسكيني ويدي، إلا أنني ماوجدت إلا القليل يشبهني، فزادت وحشتي وأحزاني!

فلا شيء يشبهني يا صديقي، لا شيء سابر لأغواري أو قريب مني على الرغم من حبي!

ومع تكرر تجاربي العديدة بغية البحث عن ما خلق من أجلي، أدركت جميل إدراك، وببساطة، كل مايفعله المرء من أعمال ينتمي إليه شاء أم أبى، فكل مايخرج من الإنسان خالصاً هو منه، وفيه ولو شيء بسيط من فرادة روحه وأسلوبه التشكيلي. فلا يمكن أن يصنع الإنسان شيئاً صنع من قَبل من قِبل قرينه الإنسان الآخر، وذلك يكون نوعاً ما قليل الحدوث، فاختلاف البشر يجعل الحياة ممتلئة بكم من الأشياء والأغراض التي تختلف تباعاً، مظهرة فرادتهم.

وإياك أن تمتزج وتتقولب مع آراء هذا العالم الرأسمالية! ولا تصدق من قال أن عليك أن تجد منبتاً واحداً تنمو بقية حياتك منه، أو قالباً يحدد جوهرك ومافيك ما حييت، فلست يا صديقي شجرة، ولا طينا يشكّل! فقع في حب الحياة واقطف من الزهور ألواناً ولا تتسمر في حقل زهور واحد، تنقل بين البساتين، فأنت إنسان حر ذو إرادة!

فلربما تملك ما لا تشعر أنه ينتمي إليك، ولكنه حقيقة يمثل طية خفية لم تكتشفها عن نفسك بعد.