بعيدا عن المناقشات التي قامت حول تحديد مفهوم كلمة (تقويم)، يمكن الإشارة إلى خضوع الصياغة الاصطلاحية لهذه المفردة لمزاحمة مفهوم آخر، يحمله مصطلح (تقييم). وفي هذه الحالة فإن النبش في دلالات هاتين المفردتين إجراءٌ أصيل، لا بديل عنه لمنح كل لفظة اصطلاحية منهما وعاءها المعنوي...
لا فرق بين التقويم والتقييم.. نهاية الجدل؟
مداخل الحديث عن هذا الموضوع متعددة غير أن الأنسب منها، في تقديري، هما مدخلا الهوية، والتطوير .. المدخل الأول يلح علينا للحفاظ على الهوية المعنوية الأولى لألفاظ العربية، حفاظا على أصالتها ونصوصها وعلى رأسها القرآن الكريم وأحاديث النبوة، وعليه فإن أي تغيير في الطاقة المعنوية للمفردة العربية سيؤدي إلى سوء الفهم فيما يتصل بهذين المرجعين الخاصيين.
المدخل الثاني الذي يخص التطوير .. يفسح أمامنا إمكانية تطوير اللغة العربية، بوصفها كائنا حيا يسري عليه ما يسري على الكائنات الحية من تطور وتبدل مع الزمن.. غير أن هذا التطوير ينبغي أن يخضع لمنطق خاص ... ولذلك فتطوير اللغة العربية ممكن ووارد لكن باستخدام آليات للتطوير منها التوليد والاشتقاق والقياس والاتباع والاقتراض وغيرها من آليات التطوير اللغوي لدينا، ... فقط فيما يخص اللهجات والعاميات العربية لا مجال للحديث عن ضبطها وتقنين استعمالها وتطويرها لأنها بطبيعتها لا تخضع لمنطق ولا لآليات تطوير بحكم انقسامها على ذاتها وحرية متحديثها في الكلام بها،.. تحياتي وتقديري
وعليه فإن أي تغيير في الطاقة المعنوية للمفردة العربية سيؤدي إلى سوء الفهم
لكن ألا يوجد حالياً أخطاء كثيرة في لغتنا يصححها القرآن بوصفه المرجع الأوّل قبل اللغة حتى ونحن نصرّ على استخدامها الخاطئ وبطاقتها السيئة؟ من مثل كلمة "كفر" مثلاً، حيث أنّ كفر في القرأن أي أخفى وكتم الحقّ الذي يعرف، وهي معادل تماماً لكلمة COVER في اللغة الإنكليزية بمعنى أيضاً غطى وأخفى، على أننا كعرب نستخدمها بمعنى آخر تماماً، كل فريق يستخدمها بالطريقة التي تحلو له، هذا مثال مثلاً.
إذاً ما الحل لإنهاء هذا الخلاف في اللغة برمّته برأي حضرتك؟ كيف السبيل إلى استخدام لغة في ما نحكي مشابهة لما نكتب ونفهم؟
هناك فرق بين الواقع اللغوي الذي هو خليط من لغات ولهجات ونوعيات لغوية لم يسلم من معيار الصحة والخطأ، وبين مستوى اللغة في مظانها ومصادرها ولسانها الزاهر في الفترة العربية القديمة ... وعلى هذا فالواقع اللغوي ليس مرجعا للحكم بل هو مجال للصحيح والعليل في لغتنا بالاستناد إلى مستوى اللغة في مظانها ومصادرها ... تحياتي وتقديري
التعليقات