انتشر في العقدين الأخيرين داخل وطننا العربي فكرة الجامعات الخاصة

و منذ أول دفعة تخرجت من الجامعات الخاصة و إلى الآن مايزال الجدل قائما .. هل قدمت هذه الجامعات لمجتمعاتنا تطورا علميا و فائدة ملموسة ؟

أم أنها على العكس تماما ..

لنبدأ بذكر مساوئ الجامعات الخاصة و أثرها على المجتمع

كلنا نعلم أن معايير القبول في الجامعات بشكل عام هو امتحان الثانوية أو امتحانات أخرى تؤهلك للدخول في الجامعات و تخصصك يكون حسب معدلك

فمثلا في معظم الدول العربية أنت تحتاج لمعدل ما بين 90 و 93 بالمئة لتدخل الهندسة و هذا يتطلب منك جهدا عاليا جدا في المراحل الدراسية قبل الجامعة

و لكن فجأة .. ظهرت الجامعات الخاصة و بدأت تطلب معدلات أقل بكثير من هذه النسبة المذكورة .. حتى إن الجامعات الخاصة في إحدى الدول العربية تقوم بإعطاء استثناءات يستطيع من خلالها من كان معدله 70 بالمئة دراسة الصيدلة أو الهندسة

حسنا .. ما علاقة هذا بالمساوئ ؟

ببساطة عندما يدخل الطالب بمستواه المتوسط لكلية الهندسة أو الصيدلة و يتخرج منها بعد 6 أو 7 أو 8 سنوات بعد جهد جهيد

أليس هذا تقليل من المستوى التعليمي في المجتمع ؟ ألم يتخرج جيل كامل أقل كفاءة من أقرانه ؟

هذا ما قصدته بالسيئة الأولى

أما الثانية ... فهي أسوأ .. سأشرحها لكم

منذ سنوات .. كان مئة طالب يتخرجون كل سنة من الجامعة الحكومية في كل تخصص ... يتخرجون و يندمجون في سوق العمل مباشرة .. فأعدادهم قليلة

أما بعد انتشار الجامعات الخاصة بات آالاف الطلاب يتخرجون في كل عام من كل تخصص مما شكل عبئا كبيرا على سوق العمل و قد أشارت الدراسات أن أحد أهم أسباب البطالة هو زيادة عدد الخريجين مقارنة بفرص العمل المتوفرة

السيئة الثالثة

كلنا نعلم أن الامتحانات في الجامعات الخاصة أسهل .. و نظام العلامات أسهل .. و طريقة تحصيل الدرجات أسهل

أنا مثلا .. تخرجت من جامعة خاصة بمعدل امتياز 85 % بينما زوجتي تخرجت من جامعة حكومية بمعدل جيد 71 %

بصراحة .. قد سبق لي الدراسة في جامعة زوجتي لمدة سنتين قبل أن تجبرني ظروف السفر على الالتحاق بجامعة خاصة

و بصراحة أكبر .. أنا أعلم أن تحصيل معدل 71% في الجامعة الحكومية أصعب بكثير من تحقيق معدل 85 % من جامعة خاصة ... و بصرا حة أكبر و أكبر أنا لا اعترف بهذا أمام زوجتي ....

آخر سيئة أريد ذكرها ...

أليست المبالغ التي يضعها الطالب أو أهله في هذه الجامعات كفيلة بأن يبدأ الشاب بها مشروعا استثماريا مثلا مما يجعل حياته أفضل ماديا ...و يطور البلد التي يسكنها ؟

كم سنة يحتاج الطالب أن يعمل لكي يستطيع أن يعوض ما دفعه في الجامعات الخاصة

يا إلهي .. كل هذه السلبيات موجودة ؟؟

لكي نكون منصفين قليلا

علينا أن نذكر فائدة الجامعات الخاصة ...

و هل بعد هذه السيئات يوجد فوائد ؟ ... نعم فكل شيء في الحياة له جانبان

إذا .. ما هي هذه الفوائد ؟

تخيل معي يا عزيزي أنك طالب مجتهد و قد تعبت لعدة سنين في المدرسة

و في امتحان الثانوية .. أصابك عارض .. مرض .. ظروف عائلية .. تأخير

و طبعا نتيجة لهذا .. لم تحصل على المعدل المطلوب لتحقق حلمك و تدرس الطب أو الصيدلة أو الهندسة

ألن تجد الجامعة الخاصة ملاذا لك و سبيلا لتحقيق حلمك ؟

خذ هذه أيضا .. تخيل أنك طالب مجتهد و أجبرتك ظروف الحياة و وضع بلدك أن تهاجر .. و كلنا نعلم صعوبة تحصيل القبول للمغتبرين في الجامعات الحكومية خارج بلادهم و هذا ما حصل معي شخصيا

ألن تجد الجامعة الخاصة ملاذا لك و سبيلا لتحقيق حلمك ؟

شخصيا .. أنا وجدت

كما أسلفنا .. لكل شيء وجهان .. الأول مفيد و الآخر ضار

و علينا دائما أن نصلح الضرر لنحوله لفائدة

و هنا محور الجدل الذي تحدثنا عنه

هل فعلا نحن بحاجة للجامعات الخاصة ؟ هل هي مفيدة ؟ أم ضررها أكبر من نفعها ؟

و هل هناك طرق لتصحيح مسار الجامعات هذه ؟

أم أن المشكلة أصلا في مرحلة ما قبل الجامعة ... امتحان الثانوية !

ما رأيكم ؟