لا يخفي على أحد الأثار السلبية من مشكلة الزيادة السكانية فى مصر والتى تؤثر بشكل غير مباشر على انخفاض دخل الفرد وما يترتب عليه من صعوبات فى الأمن الغذائي, وعلى الرغم من الآثار الإيجابية من الزيادة السكانية والتى تتركز فى قوة العمل وزيادة الايدى العاملة, إلا أن الاثار السلبية لها تطغي على ايجابياتها, ما يستدعى وضع حلول جذرية للاستفادة من زيادة السكان فى مصر, كما يحدث فى الدول الأعلى من حيث الكثافة السكانية والتى تستفيد من الكثافة السكانية فى زيادة الانتاج والموارد .

تساهم الزيادة السكانية فى انخفاض مستوي المعيشة وزيادة معدلات البطالة بالاضافة الى زيادة الكثافة السكانية فى المناطق المأهولة بالسكان.

وتؤدي زيادة الكثافة السكانية الى الضغط على الخدمات في المدن وتدهور المرافق كالمياه والصرف والكهرباء وغيرها وكذلك زيادة نسب تلوث البيئة وزحف المباني على الأراضي الزراعية المحدودة وانتشار العشوائيات.

ويصل معدل الكثافة السكانية للمساحة المأهولة لكل كيلو متر مربع نحو 1422 نسمة فى مصر حيث يعيش 84 % من السكان على 6 % من المساحة الكلية لمصر.

من أبعاد المشكلة السكانية بمصر ارتفاع نسبة صغار السن والتى تعتبر غير منتجة بما يؤدى الى عدم التوازن بين الانتاج والاستهلاك فى مصر.

ووفقا للجهاز المركزى للتعبئة والاحصاء تمثل نسبة السكان فى الفئة العمرية "أقل من 15 سنة" أكثر من 34.2% من إجمالى السكان.

المشكلة السكانية هي عدم التوازن بين عدد السكان والموارد والخدمات وهي زيادة عدد السكان دون تزايد فرص التعليم والمرافق الصحية وفرص العمل وارتفاع المستوى الاقتصادي فتظهر المشكلة بشكل واضح وتتمثل بمعدلات زيادة سكانية مرتفعة.

ولا يجب النظر إلى الزيادة السكانية كمشكلة فى حد ذاتها وإنما يجب النظر إليها فى ضوء التوازن بين السكان والموارد, خاصة أن هناك دول عديدة تشهد ارتفاع فى عدد السكان ولكنها لا تعانى من مشكلة التوازن بين السكان والموارد وأبرزها الصين .

كما أن إعادة توزيع السكان على مساحة جمهورية مصر العربية التى تتجاوز مليون متر مربع يسهم فى حل المشكلة بنسبة كبيرة .

ويجب سرعة وضع حلول جذرية وجريئة لمشكلة الزيادة السكانية خاصة مع التوقعات باستمرار زيادة عدد السكان حيث أنه وفقا للجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء يصل عدد السكان الى 100 مليون نسمة فى عام 2020 مقابل 98.1 مليون نسمة في بداية عام 2019 , و 94.8 مليون نسمة فى عام 2017 .

ومن المتوقع أن يصل عدد السكان الى 118 مليون نسمة فى عام 2030 ما يستدعى ضرورة إعادة توزيع السكان وتغطية الموارد للزيادة السكانية المتوقعة.

من أبرز مشكلة عدم التوازن بين السكان والموارد انخفاض متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي .

كيفية التعامل مع المشاكل المترتبة عن الزيادة السكانية

جري عدة دراسات الفترة الأخيرة بشأن العلاقة بين التصنيع والخصائص السكانية ؛ حيث تم المقارنة بين السكان في بعض المناطق الصناعية والسكان في المناطق الريفية، وخرجت منها بنتائج تؤكد العلاقة بين التصنيع وانخفاض معدل المواليد ومعدل الزيادة السكانية.

تتركز هذه النتائج فى أن التصنيع يؤدي إلى تحول البيئة التي يعيش فيها الناس إلى بيئة حضرية تتسم بارتفاع المستوى الاجتماعي والثقافي والتعليمي والصحي للسكان، وازدياد كافة مرافق الخدمات الخاصة بها، كما تتسم بتحسن وسائل النقل والمواصلات والاتصالات ، وتتوفر فيها الكهرباء والمياه، وتزداد فرص العمل والنمو الاقتصادي.

كما أوضحت النتائج ارتباط البيئة الحضرية الصناعية بتأجيل سن زواج الإناث، واستخدامهن لوسائل منع الحمل، وهى عوامل تسهم فى زيادة الانتاج والعمل.

وأكدت النتائج ارتباط البيئة الحضرية الصناعية بأسلوب حياة الأسرة، من حيث ارتفاع مستوى الاستهلاك والدخل السنوي للفرد، ودرجة تحضر الزوجة ودرجة تعليمها، وارتفاع مستوى الاهتمام بتعليم األطفال ورفاهيتهم، وانعكس ذلك كله على السلوك الانجابي.

وساهم ذلك فى انخفاض عدد الأطفال الذين تنجبهم الأسرة غير أن أبرز النظم المؤثرة في نسق القيم والاتجاهات في أي مجتمع من المجتمعات تتمثل في النظام التعليمي؛ فبقدر ازدياد اهتمام السكان بالتعليم وخاصة بالنسبة للفتاة، يتأثر سن الزواج، كما تتأثر الاتجاهات الخاصة بالسلوك الانجابي وتنظيم الأسرة بالضرورة بالتعليم.

من الضروري مواجهة مشكلة الكثافة السكانية كما حدث فى الصين من خلال التغلب على المشكلة بآثارها الإقتصادية والإجتماعية والسير فى اتجاهين هما زيادة الوعي بتنظيم الأسرة والتنمية الاقتصادية.

وأن تركز السياسة الشاملة على مواجهة الأبعاد المتعلقة بالمشكلة وهى النمو والتوزيع والخصائص.

وتتضمن أساليب مواجهة المشكلة السكانية زيادة الإنتاج والبحث عن موارد جديدة, والإهتمام بتوفير فرص العمل للقضاء علي الفقر, وإنشاء مشروعات صغيرة خاصة في المناطق العشوائية وذات الزيادة السكانية ويفضل الاستفادة من فكرة القروض المتناهية في الصغر.

بالاضافة الى الحد من زيادة السكان بإصدار التشريعات ، مثل رفع سن الزواج ، والإعفاءات الضريبية بعدد الأبناء وهو ما حدث بالظبط فى الصين لفترة محددة، بمعنى إعفاء الأسر محدودة الدخل من أنواع معينة من الرسوم والضرائب أو منحها تأمينا صحيا شاملا أو الحصول علي دعم تمويني إضافى مجاني.

كما يمكن تقديم حوافز للقري والمدن التي تحقق انضباطا في معدلات الزيادة السكانية عبر خدمات ومشروعات تقام فيها.

ويجب وضع إستراتيجية قومية متكاملة تستهدف إقناع الأسر المصرية بثقافة الطفلين فقط، كما يجب عودة مساهمة القطاع الخاص في حل المشكلة السكانية من فتح مشروعات جديدة فى مناطق غير مأهولة بالسكان بما يسهم فى إعادة توزيع السكان ووضع خطط جذب السكان للمناطق الجديدة , حيث يتركز السكان فى وسط وجنوب الدلتا حول التربة الخصبة .

كما يجب على الشباب المشاركة التطوعية في العمل العام للحث على خطورة المشكلة وطرح حلول لها بالاتفاق مع منظمات المجتمع المدني .

الزيادة السكانية تعني تزايد عدد الأفراد عن القدرة الاستيعابية للمكان الذي يعيش فيه ، وذلك نتيجة زيادة معدل المواليد عن معدل الوفيات ، أو زيادة المقيمين في مكان معين مع زيادة استنزاف الموارد الغذائية والطبيعية في هذا المكان.

يجب توعية المجتمع بخطورة الكثافة السكانية واتخاذ حلول لها والتى أبرزها التوسع فى الاقامة عبر المدن غير المأهولة وتنظيم الأسرة, واستغلال الايدي العاملة فى المشروعات الصغيرة والاهتمام بالتعليم بإعتباره أهم خطوات التوعية.

بحث مقدم بواسطة جريدة كابيتال الإقتصادية