ممّا لا شكّ فيه أن قائمة المميزات التي اكتسبتها التجارة الإلكترونية تطول إلى درجة لا يمكن السيطرة عليها، وفي السياق نفسه فإن التسارع المبهر الذي نعاصره هذه الأيام على صعيد التجارة الإلكترونية يمثّل قلقًا كبيرًا لخبراء الاقتصاد والمهتمين بالحراك الاقتصادي والسياسي المعتمد على تلبية حاجات الإنسان تبعًا لموارده وظروفه.

عند الحديث في الصدد نفسه، فإننا نجد أن مسألة الواقع الافتراضي أو الاتصال غير الملموس بين الطرفين هي الميزة الأولى والأهم التي تفرّدت بها التجارة الإلكترونية عن غيرها في صلب الاقتصاد العالمي، وهو ما صار أهميّة احترازية قصوى بعد بزوغ نجم التجارة الإلكترونية بسنوات، كأن الخطة قد رُسِمت للتجارة الإلكترونية كي تسيطر على العالم الحديث.

تبعًا للاجراءات الاحترازية التي تم تفعيلها في جميع دول العالم، ونظرًا للدمار الاقتصادي الشامل الذي حلّ على جميع المؤسسات الاقتصادية، فقد سنحت الفرصة للتجارة الإلكترونية للسيطرة على الأمور. نادى الجميع بالتباعد الاجتماعي منذ أواخر عام 2019، ولم تجد صور التجارة التسوّقية التقليدية مكانًا لها في ذلك العالم المتوتّر الذي يخشى انتشار الوباء.

حصدت مجموعات متنوعة من الشركات أرباحًا مهولة على عكس المتوقع من خلال انتهاج السياق المقابل للتجارة الإلكترونية، حيث صدمتنا بعض الإحصائيات التي أقرت بأن شركات مثل آبل، وأمازون، وفيسبوك، وألفا بيت، وميكروسوفت قد رفعت أرباحها خلال 9 أشهر بعد اندلاع الجائحة من 111 مليار دولار إلى 128 مليار دولار.

سجّلت الشركات الخمس المشار إليها في التقرير ارتفاعًا في الإرادات قدّر بحوالي 16 بالمئة. كيف من الممكن أن يحدث ذلك؟

لقد حلّت الكارثة على العالم في2019، ومنذ ذلك الحين آلت الأمور إلى الأسوأ. لكن على صعيد آخر، فإن مسألة التباعد الاجتماعي والإجراءات الاحترازية قد صبّت في اتجاه التجارة الإلكترونية التي تمتلك سوقًا افتراضيًا يحتوي على ملايين من المتاجر التي تستطيع التسوق بداخلها وأنت في بيتك.

هل تكون جائحة الكورونا هي السبب الرئيسي في خلو الساحة الاقتصادية للتجارة الإلكترونية إلى الأبد؟ هل من الممكن أن تختفي السوق المعتادة تدريجيًا في سبيل سوق أخرى أكثر مرونة وأقدر على البقاء؟