في تمام الخامسة والنصف صباحاً تبدأ تلك النغمة الرتيبة في الصياح، فقد المنبه معناه فأنا لم أنال اي قدر من النوم، وصار صوت المنبه مجرد اعلان بالخروج.

حينما كنت صغيراً قالها هشام عباس "أولت يارتني فصلت صغير ذي زمان" وقتها فهمت انه لا مفر من الحزن، ولكن الحزن لا يمنع الحلم وتقدم العمر لا يوقفه إلا أمراً من الله كان مفعولاً.

مرت الأيام وصار الحلم حقيقة ... ها أنا على متن طائرة صخمة بين صفوف من البشر احمل احلامي على ظهر تذكرة سفر في اتجاه واحد ولازال دفئ حضن امي وعيناها تملؤها الدموع معي، لا اسأل لما انا مُسافر ولا احمل هماً الا ان يكون عمال المطار رفقاء بحقيبتي التي تحمل كل متاعي من الدنيا.

مرت السنون والأيام، زرت المدن والبلاد التي فتنت بها في كتب قرأتها أو شهادتها في فيلم حالم على شاشة التلفاز في منزلنا.

تتردد حكايات الأسفار ما بين قطبين؛ فهي اما شر مسطتر او فيها سبع فوائد...الحقيقة لا يعلمها الا من عايشها فقد تعلمت من التجارب انه حتى وان حاولت وصف الحقيقة بحذافيرها فعقلك لن يسمح لك من باب دفاعه عن سلامته وقلبك سوف يتغاضى عن مغالطات عقلك لانه سَلم انه لا طاقة له بالحقيقة.

أنت الأن وحدك

قد تسكن اقصى المدن تطاولاً في البنيان او تكن في قرية جبلية نائية

قد تكون محاطاً بأبناء جلدتك وعمومتك او في ارض لا يشبهك فيها مخلوقاً سوى سواد ليلها

قد تجني أمولاً او تعيش على حد الكفاف

لكن لازلت وحدك

أنت الأن غريب

قد تحاول ان تغرس جذورك في الأرض البعيدة فتكبر وتصير ثماراً غريبة حائر لونها لا شرقية ولا غربية، فأنت غريب لا يطرح سوى غرباء.

خدعونا فصنعوا من الخيال بلاداً تفصلها حدوداً لا يراها الا من رسمها...نرتحل تحت سماء واحده تغطي أرضاً واحده تسبح في ملكوت واحد حتى تُورث الأرض ومن عليها.

ختام القول، رفقاً بأنفسكم وليلزم كل منا جوار امه.

ولكن ان اردت سفراً فأعلم انها ليست جنه الله في ارضه ولا هي ناره الموقدة، هي غربة وحيده