يعد هذا المثل أحد الأمثال المستخدمة في أدبيات الحوار حتى وقتنا الحاضر ، ودائمًا ما يقال في وجه أعداء النجاح والحاقدين من البشر ، ويراد بهذه المثل الإشارة إلى كل الناجين والمبدعين الذين يمضون في الحياة رغم أنف مثبطين العزائم ، وهادمين القدرات ، فالحقد يفعل بالإنسان كما يفعل الخريف بأوراق الشجر ، ويجعله خاوي ويريد كل من حوله خاويين.
قصة المثل :
يعد هذا المثل من أشهر مقولات الإمام الشافعي رحمه الله في مواجهة اللئام ، وهذا أعظم رد وجد لمجابهة أمثالهم من الحاقدين الذين لا يبغون النجاح لأحد ، ويعلقون فشلهم دائمًا على شماعة الآخرين ، ويتمنون لو أن الكل مثلهم بل أقل منهم بكثير.
والإمام الشافعي هو ثالث الأئمة الأربعة ، وصاحب المذهب الشافعي في الفقه الإسلامي ، وهو مؤسس علم أصول الفقه ، كما أنه أحد أئمة علم التفسير والحديث ، وقد عرف عن الإمام فطنته وذكاءه الشديد.
فكانت كلماته ميزان للحكمة والحنكة ، والرأي السديد ، فقد كان قاضيا راجح العقل ، مفوه اللسان ، وفي مرة من المرات رد بحكمة كبيرة على الحاقدين بأبيات الشعر التي كانت مثل الذهب قيمة ووزنا ، حينما قال :
قل ما شئت بمسبتي - فسكوتي عن اللئيم هو الجواب
لست عديم الرد لكن - ما من أسد يجيب على الكـــلاب
ويقصد الإمام بهذا المثل : أنه لا مانع من سباب بعض الحاقدين الشامتين أعداء النجاح ، فليقولوا ما شاءوا ، وليخطئوا بحقنا ، هذا لن يؤثر بنا ، وصمتنا عن الرد عليهم هو أفضل جواب ، فهم نكرة ، مجرد لا شيء.
ويوضح الإمام أن هذا السكوت ليس بدافع عدم امتلاك الردود المفحمة ، إنما لا يوجد أسد عزيز النفس مهاب الطلعة يرد على نبح الكلاب التي هي أقل منه شأنا ، فهو أسد الغابة ، صاحب الكلمة والرأي ، وهو الذي يسير القافلة أينما أراد ، ومهما نبحت الكلاب ، فلن تغير في قرار الأسد شيئًا ، فهو وحده قائد القبيلة ، وسيد قومه حتى الكلاب أنفسهم من رعيته