ما هو سر هؤلاء الأشخاص ؟

السر الاجمالي هو " أن تكون نفسك " لكن كما لاحظت أنك لا تقصد عبقريتهم والموهبة بالفطرة أو الاكتساب . انت تقصد "الشهرة" والشهرة مفهوم آخر عدا النجاح . حينما تحدد ما تريد أنت بالضبط ان تكونه تتضح لك السبل لعمل ما تريد .

انشتاين عمل كثيرا على فهم ' كيف يعمل الكون ' ونجح في بعض الامور واخفق في بعضها مثلا انكر نظرية مهمة جدا هي نظرية الكوانتم والثقوب السوداء. الخ.

مارك زوكربيرغ وضع هدفا واضحا " جعل العالم مفتوحا ومتصلاً" وسيعمل على ذلك وقد حقق الكثير منه رغم ذلك اشترى العديد من الشركات بملايين الدولارات وخسرت.

وهكذا .. لما تضع لي هدفا سيتضح الامر فالشهرة اقسام وهي تختلف على مفهوم النجاح. وكي يتضح الامر لنقل ان الشهرة هناك:

• شهرة عامة : بمعنى ما ان الناس كلها تعرفك . لنقل عددا كبيرا جدا منهم.

• شهرة تخصصية: في مجال ما .

العديد جدا من اصدقائي ومعارفي على الفيسبوك لا يعرفون اسم مبرمج الفيسبوك ومديره وهو مارك زوكربيرغ والذي يعرف اسمه لا يعرف لقبه ولا كيف ينطق القليل فقط .. الكثيرون يعرفون انشتاين لانه اقدم منه.. تسلا عرف في الاونة الاخيرة لما كرست دراسات وروايات وافلام لاظهار عبقريته وهكذا ... وما لاحظته هو ان جميع من ذكرتهم لم تكن 'الشهرة العامة ولا التخصصية " ضمن اهدافهم ومخططاتهم للحياة انها تقع كتأثير جانبي للنجاح المدوي الذي احرزوه والحقيقة ان انشتاين احرز نجاحا مدويا في هذه الاسابيع لاكتشاف موجات الجاذبية دليل ان العلم لا يموت ..

ركز معي ... هل سيدنا علي رضي الله عنه وكرم وجهه ناجح ؟ بالطبع .. ائت لي بعشرة امريكيين يعرفونه كاسم فقط .. لن تجد نادرا الا من تخصص في دراسات اسلامية او عربية او غيرها هل يضره ذلك لا .. هل تعرف انت ما هو اسم الدالاي لاما الاخير ؟.. لا ..مع ان ملايين البشر يعرفونه ويقدسونه ويمهر اسمه بقداسة الدالاي لاما .. هل تعرف ما هو اسم البابا الحالي ؟ وهكذا ... هل يعرف الهندوس الكثير منهم اسم سيدنا عمر رضي الله عنه دعنا لا نتكلم عن رجال عظماء مثل ابي ذر الغفاري وعكرمة بن ابي جهل وخالد بن الوليد مثلا... لانهم يجهلونه جهلا تاما ..

الجهل بانجازاتك او بشخصك ليس مهما . ما دمت تعرف جيدا من انت وما هي مهمتك في هذا الوجود .

اسأل نفسك هل تعرف من حكم بعد يوليوس قيصر ؟ هل تعرف اسم اب اسكندر المقدوني ؟ هل نعرف حقائق كثيرة عن عائلات الانبياء ومن اين اتوا ابدا ..هل يعرف الكثير من البشر حاليا حتى القليل عن سيدنا محمد عليه السلام ؟؟

والان احكي لك هذه القصة التاريخية: في قصة تجري احداثها في اليونان القديمة بمدينة إيفيس، وتحديدًا عام 365 ق.م، قام تاجر بسيط يدعى هيروستراتبحرق معبد الربة "أرتميدا"، أضخم معبد في التاريخ وإحدى عجائب الدنيا السبع ولما سئل لما فعل ذلك اجاب : كي يخلد اسمي في التاريخ ويذكرني الناس " ... والان عزيزي هل تعرف اسمه ؟؟ لا اظن ذلك .. لاني كما اخبرتك ان العظماء والعباقرة الشهرة والتخليد ليس ضمن اهدافهم بل هو نتيجة جانبية لما قاموا به ولو دفن ذكرهم لسنين وقرون فلا بد وان يظهر في زمن ما والسبب هو "ما قاموا به " لا لان الشهرة والخلود ضمن اهدافهم .. لذلك لما نعت الكفار سيدنا محمد عليه السلام بالأبتر خلد الله ذكره وذكر ذريته حتى انهم منتشرون ومعروفون ولهم اسانيد الحديث والقرآن العالية والموثوقة ولا احد الان يعرف نسل ابي جهل او ابو لهب واندثروا في الارض وانقطع ذكرهم وجعلهم الحق احاديث...

العبقري يضع خطة عمل نصب عينيه وهدفا يسعى له (الشهرة والملحوظية ) ليست ضمن مخططاته وان وقعت ففي الغالب لا يأبه لها وغدا لو اغلق الفيسبوك او رفضت ورقة انشتاين وقتها من النشر في المجلة العلمية ففي الغالب انهم سيجدون طرقا اخرى لتفجير ابداعاتهم ...

العبقري سره انه يعيش ما يريده يعمل اربع وعشرين ساعة لتحقيق هدفه ولا يملك الوقت ليلتفت للناس او الاعلام كي يرى ماذا يقول عنه الاخرون ..

العمل والعمل والمثابره

الأهم من رأيي أن نعمل بذكاء وليس بجهد، وأن نفكر أكثر مما نعمل، بغض النظر عن إن كنا أذكياء أم عباقرة بالفطرة

في الحقيقة هناك عوامل عدة لهذا النجاح, ولا يمكن جمع كل المجالات في سلة واحدة والبحث عن سر مشترك لنجاحهم ولكل حالته الخاصة.

فالرياضي ليس هو العالم ليس هو الفنان ليس هو رائد الأعمال.

فالرياضي تلعب جيناته دورا حاسما في الموهبة. فلا يمكن لشخص ولد بقدرات جسدية محدودة أن يتفوق في رياضة ما... وإضافة لهذا العامل هناك الشخصية والظروف المحيطة والبيئة, فمايكل جوردن متفوق لأنه أولا يحمل جينات جعلت جسده قويا فهو من عرق أسود ولو كان من عرق أبيض لتقلصت نسبة نجاحه كثيرا وربما انعدمت وكذا ذو جنسية أمريكية ونحن نعلم أن أمريكا هي رقم واحد في كرة السلة وحتى داخل البلد بحد ذاته هناك ولايات معروفة باللعبة ولو ولد بولاية أخرى ربما كانت حظوظه ستتقلص وإن ولد ببلد آخر مثلا بافريقيا أو آسيا ماكان له أي حظ بالمرة, الدليل؟ لا يوجد آسيوي تفوق تفوقا باهرا بكرة السلة مثلا.

لذا لا يمكن أن نؤلف كتابا يتحدث عن الاصرار والتحدي ونريد من شخص بظروف تختلف تمام الاختلاف عن ظروف أولائك الناجحين ونطلب منه أن يصير مثلهم... ربما نستخرج بعض العبر والعضات من نجاحاتهم وقصصهم وذلك للاستئناس ولرفع المعنويات في لذا القارئ.

ونفس الشيء ينطبق على اينشتاين وستيف جوبز وغيرهم... فالظروف تلعب دورا كبيرا, وما كان لاينشتاين أن ينجح لو أنه تلقى تعليمه في دولة عربية مثلا أو لستيف جوبز أن ينشئ مملكته إن كان يعيش بفينزويلا, ولا يمكن لليونيل ميسي أن يصير بطلا كرويا إن ولد امرأة.

هناك كم هائل من العباقرة وأصحاب الذكاء الخارق حول العالم وكذا أصحاب العزيمة والاصرار ولكن طبعا لم يحققوا أي نجاح وذلك لأن الحظ يلعب دورا مهما, فلو بحثت عن أذكى شخص بالعالم ستجدها امرأة مغمورة تقريبا حطمت رقما قياسيا في موسوعة غينيس للذكاء ومع ذلك لم تحقق شيئا وهي أذكى من اينشتاين بمراحل...

لذا لا كلا ليس بالعمل والعزيمة, بل إن هناك من وصل للشهرة فقط عن طريق الصدفة, وهناك من سرقوا انجازات أشخاص آخرين, أو فقط أثاروا جدلا وشهرة.

فمثلا فرويد ونظرياته لو قرأت قصته ستجد أن هناك من سبقه إليها فعلا ولكن ليس بشهرة فرويد الذي نال شهرته عن طريق كتاب الأحلام الذي أثار ضجة في ذلك الوقت لأن البعض اعتبره اباحيا وسال مداد كثير ينتقده ويرد عليه, لذا صار أشهر من نار على علم... ماذا حصل للذين سبقوه؟

فقط لم يذكرهم أحد لأنهم لم يثيروا ضجة مثله.

لذا هناك عوامل عدة لا تعد ولا تحصى والأمر ليس بسيطا ويمكن جمعه في سلة واحدة.