في عالمٍ يمتلئ بالضجيج، يركض فيه الإنسان خلف المال، المكانة، العلاقات، وحتى الأفكار الجاهزة، يبقى سؤال واحد غالبًا بلا جواب:

من الذي يعيش حياتي؟ أنا… أم ما تعلّمته دون وعي؟

هذا المقال لا يناقش الوعي كفكرة فلسفية مجردة، بل كأكثر موضوع منطقي ومبصر يمسّ حياة كل إنسان، دون استثناء.

---

ما هو الوعي؟ (تعريف عملي)

الوعي ليس كثرة التفكير، ولا الذكاء، ولا الثقافة.

الوعي هو:

> أن تدرك ما يحدث داخلك أثناء حدوثه

أن تلاحظ أفكارك بدل أن تنجرف معها، وأن ترى مشاعرك دون أن تتحول إلى سجين لها.

---

الحقيقة المنطقية الأولى

نحن لا نعيش الأحداث كما هي، بل نعيش تفسيرنا لها.

شخصان يمران بنفس التجربة:

أحدهما ينهار

والآخر ينضج

الفرق ليس في الحدث… بل في مستوى الوعي.

وهنا تظهر أول بصيرة:

> ما لا تعيه يتحكم بك، وما تعيه يتحرر منك.

---

لماذا أغلب البشر متعبون؟

لأنهم يعيشون في وضعية "ردّ الفعل":

فكرة → انفعال

انفعال → قرار

قرار → ندم

دون أن يقف أحدهم ليسأل:

> هل هذا اختياري… أم برمجة قديمة؟

---

الوعي والمسؤولية الشخصية

عندما تصبح واعيًا، تسقط حجة اللوم:

لم يعد الماضي عذرًا

ولا الناس شماعة

ولا الظروف سجنًا

الوعي لا يجعلك أقسى، بل أصدق.

---

العلاقة بين الوعي والإيمان

قول الإنسان: لا إله إلا الله

ليس مجرد عبارة دينية، بل إعلان وعي عميق:

> لا شيء يستحق أن يسيطر على قلبي وعقلي لا خوف، لا فكرة، لا إنسان… إلا الحقيقة المطلقة

الإيمان هنا ليس هروبًا من الواقع، بل تحررًا منه.

---

لحظة التحول

التحول الحقيقي لا يحدث عند تغيير الظروف، بل عند طرح سؤال واحد بصدق:

> هل أنا واعٍ الآن… أم أكرر ما تعلّمته؟

في هذه اللحظة، يبدأ الإنسان بالخروج من العتمة إلى النور.

---

خلاصة

أكثر موضوع منطقي في حياة الإنسان ليس النجاح ولا السعادة، بل الوعي الذي يسبق كليهما.

فمن عرف نفسه بوعي، عرف طريقه دون صراع.

---

هذا المقال دعوة بسيطة: أن نتوقف قليلًا، وننظر إلى داخلنا بنفس الجدية التي ننظر بها إلى العالم.

لأن الحياة لا تتغير من الخارج… إلا حين تتغير من الداخل.