في زمنٍ كانت الأمة فيه شمسًا تُضيء للعالمين، كان القرآن هو الدستور، وكان الإنسان يُولد على ثقل الرسالة لا على خواء القيم. واليوم، وقد ضاع الطريق بين أقدام المترفين، وسُرقت البوصلة من صدور الحالمين، نعود نسأل أنفسنا: من نحن؟ وماذا بقينا من تلك الأمة التي علّمت الدنيا كيف يكون العدل حين يحكمه الإيمان، وكيف تكون الرحمة حين يخطّها التقى؟
ليس النهوض صُراخًا في الخلاء، ولا حماسة فارغة تعلو على ركام الجهل، بل هو عودة صادقة إلى ما كنا عليه قبل أن نخون الميثاق، قبل أن نفرّ من ساحاتنا ونطلب العزاء في عيون الغزاة.
أيها الإنسان...
يا من نُفِخت فيك الروح لا لتأكل وتنام، بل لتقيم ميزان العدل وتطفئ نار الظلم...كفاك دورانًا في دوائر لا تلد إلا الغفلة، وكفاك عبودية لما لا يُغنيك إن الطريق طويل، نعم، لكنه واضح. واضحٌ لمن ألقى السمع وهو شهيد.
فمن أراد أن يبني، فليبنِ نفسه أولًا، وليرمِّم جدران قلبه التي خرّبها الإعلام والتيه والانبطاح.ومن أراد أن يُغيّر، فليبدأ ببيته، بفكره، بلغته، بصلاته التي ضاعت بين الأسواق.
ليس التغيير شعارًا، بل هو عهدٌ، يُؤخذ مع الله على عتبات الليل، ويُحمل في النهار كالسيف، لا يصدأ.
نحن جيل ابتُلينا... لنكون جيلًا يُبتعث
ابتُلينا بضياع الهوية، بتمجيد الخنوع، بجعل الباطل حضارة والحق تخلفًا.
لكن الله لا يُسلم هذه الأمة للعدم، ففيها بقايا رجال، وفي صدور النساء نارٌ لا تطفئها الدموع.
نحن الجيل الذي كُسر فلم ينكسر.نحن أبناء الذين صبروا في الخنادق، وسجدوا في الزنازين، وماتوا على كلمة "الله أكبر" وهم يضحكون.
فهل سنخون دماءهم؟هل نسلم رايتهم للراقصين فوق جراحنا؟
عودوا… قبل أن لا يكون هناك ما يُسترجَع
عودوا لكتاب ربكم… لا كحروف تُقرأ، بل كمفاهيم تُحكم.
عودوا للرجولة التي لا تقاس بعضلات، بل بمواقف في زمن الانبطاح.
عودوا للأنوثة التي تربي قادة، لا تُباع في سوق الرخيص.
أنتم لستم ضحايا هذا الواقع، بل أنتم القادمون… الذين ستُفتح لهم أبوابٌ ظنّ الظالمون أنها أُغلقت إلى الأبد.
واختتاما ما علينا الا قول إما أن نكون… أو لا نكون
لا أحد سيمنحك التمكين في طبق، ولا المجد في صندوق بريد.
المجد يؤخذ، لا يُعطى.
والأرض لله، يورثها من يشاء من عباده،
وما النصر إلا من عند الله.
اصمتوا قليلًا…
واسمعوا صوت التاريخ يهمس:
"قوموا فقد طال نومكم… والفرسان لا تليق بهم الأسرّة."
التعليقات