بسم الله الرحمن الرحيم

إيران

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

يبدو أن إيران قد وقعت في لعبة إسرائيل، وبدأت تلعب بقوانين إسرائيل وفي ملعب إسرائيل، فها هي ترتكب الأخطاء الكبيرة التي ليست في صالحها، وتقوم بما قد لم يكن أحدٌ يتوقعه، حتى أكثرهم معاداة لها، ومن ضمنهم إسرائيل، فمن كان يتوقّع أن تقع إيران بهذه السهولة في أخطاء جسيمة كشنّ هجمات على العراق وباكستان؟

فلإيران أن تتذكّر بأنه كما أن لديها جيش قادر على شنّ الهجمات على الآخرين فإن الآخرين كذلك لديهم جيوش بإمكانها شنّ الهجمات على الأراضي الإيرانية. ومن لم يكن لديه القدرة على مواجهتها عسكرياً، فقد يستخدم طرق أخرى لا يبدو أنها ستكون في صالح إيران، فقد يستغل بعض الغرب هذه الخطوات لفعل كل ما يستطيع للتضييق على إيران ومعاقبتها قدر ما يستطيع. فلقد رأينا كيف أن بعض الغرب لم يعد يبالي بأي قوانين دولية ولم يعد يبالي بحقوق الإنسان، أثناء طوفان الأقصى وحرب غزّة. وقد يتمسّك الغرب بهذه الخطوات الدولية التي قد تدين إيران ويتشبّث بها بأظافره وأسنانه، لعلّه يجد في ذلك عزاءً له بعد أن كشف وجهه القبيح بشأن فلسطين والفلسطينيين، راجياً أن يمحي بذلك شيء من قُبحه ذاك.

وإن كانت إيران ترى أو مقتنعة بأن قضيتها عادلة ولا ترى فيها أي خطأ، ولكن ذلك قد لا يمنحها الحقّ، بانتهاك سيادة الدول المسلمة ومهاجمة أراضيهم، وكأنها أعطت لنفسها الحق، بأن تتهم الآخرين وتعاقبهم، على أخطاء غيرهم. فإن كانت إيران نفسها لم تستطع أن تكشف التجهيزات للعمليات الإرهابية في أرضها، فكيف تتوقّع من الدول المسلمة الأخرى أن تكتشف تلك التجهيزات؟ ومن ثم تشنّ الهجمات على أراضيهم وكأنها تعاقبهم على تقصيرهم وحتى على تقصيرها هي.

وهل من صالح إيران أن تُنشئ عداوات مع المسلمين في الوقت الذي كان لها أن تفرّغ نفسها للاستعداد لأي حرب مع إسرائيل؟

يبدو أن المشكلة الحقيقية التي تعاني منها إيران هي حساسيتها المُفرطة، وسهولة إرباكها والضغط عليها، فهل أصبح لإسرائيل الآن أن تتنفس الصعداء بعد أن تسببت بإرباك إيران والضغط عليها لدرجة جعلتها تواجه باكستان عسكرياً وقد تواجه العراق قانونياً في الوقت ذاته؟

فلإيران أن تهدّأ من نفسها ولها ألا تسمح للجميع باستفزازها بهذه السهولة، ولها ألا تبالغ كثيراً في ردّات فعلها، فإن كان الحق معها في أمر ما فلها أن تحاول أن تأخذ حقها بأكثر الطرق الطيّبة التي تحافظ على مصالحها، لا أن تهاجم المسلمين يميناً وشمالاً، وتجعل من نفسها خصماً لجيرانها المسلمين في الوقت الذي يعدّ فيه عدوّها الإسرائيلي الدقائق لإدخالها في حرب شاملة معه ومع حلفائه من الولايات المتحدة والغرب. فكان لإيران أن تستعد لهذه الحرب ولها أن تجمع قدر ما تستطيع من الحلفاء للاستعداد لهذه الحرب المرتقبة، بدل أن تشتت نفسها يميناً وشمالاً.

ويبدو أن اهتياج إسرائيل المفرط والذي كشف فساد قلوب بعض أهل الغرب وكشف مدى قُبح ما يحملونه من أخلاق فاسدة في صدورهم، والذي دفع البعض من الغرب أن يمارس ظلماً قبيحاً ومفضوحاً ضد الفلسطينيين أمام العالم كله وعلى مسمع ومرأى من الجميع، قد نجح بطريقة ما باستفزاز إيران وأدخلها في اهتياج مشابه لاهتياجه.

وفي الختام، يبدو أن ما حدث مؤخراً قد كشف بعض نقاط ضعف إيران، وكيف قد يكون أحياناً من السهل استفزازها في أي وقت وفي أي مكان، فإن اكتشفوا الأعداء شروط وقوانين استفزاز إيران فقد يصبح ذلك كارثة على إيران، وقد يوقعها ذلك أحياناً بسهولة في فخاخ أعدائها من إسرائيل وحلفائها من الغرب... هذا والله أعلم.