قد يعتقد الكثير أنّ أوّل من طرح فكرة الاحتفال برأس السنة الجديدة هم المسيحيون،خطأ، بل هي فكرة ابتدعها البابليون وكانوا يقومون بذلك في شهر مارس، كانوا يحتفلون في هذا اليوم بالصلاة لآلهتهم والتعهّد بأن يقوموا في هاته السنة الجديدة بتسديد ديونهم وإرجاع كل البضائع المستلفة، ليأتي بعدهم الرومانيون ويغيّروا رأس السنة إلى الفاتح من جانفي(يناير) الشهر الذي يأتي اسمه نسبة للإله (التمثال) ذو الوجهين جانوس المتواجد حاليا بمدخل جسر فابريسيوس بروما. كان الرومان يعتقدون أنّ هذا الإله ينظر للسنة القديمة بوجهه الخلفي ويستقبل السنة الجديدة بوجهه الأمامي. ولحدّ عصرنا الحالي مازال هناك من يتبرّك بهذا التمثال ويؤمن أنّه إذا لمسه فسينير مستقبله ويصبح غنياًّ.
من هذا المعتقد نشأت فكرة قرارات السنة الجديدة أو resolutions التي أصبحنا نسمعها بداية كل سنة، والمقصود منها هو أن يتفكّر الإنسان فيما قام به في السنة الفائتة وعليه يرسم أهدافه للسنة الجديدة، لكن للأسف، أصبحت هذه الفكرة جد مبتذلة وقليل هم الذين ينجحون في تحقيقها وذلك بسبب وضعهم لأهداف خيالية صعبة التحقيق أو يعانون من مشاكل التزام ويملّون بسرعة كما هو الحال عندي.
فعلى سبيل المثال، في العام الفارط وضعت عدّة أهداف من بينها تعلّم اللغة الألمانية، شراء جيتار وتعلّم العزف عليه، إنهاء 30 كتاب، ويا لسذاجتي عندما وضعت هاته الأهداف، إذ يؤسفني الاعتراف أنّني لم أنجح ولو بنسبة قليلة في تحقيق جزء من هاته القرارات، فالألمانية التي كنت متحمّس لتعلّمها درستها شهرين فقط وسرعان ما مللت وأصبحت أتحجج بانشغالي بالعمل، وقرار الجيتار فلم أفعل شيء تجاهه إلاّ شرائه :p ، أمّا بالنسبة لموضوع الكتب فلم أقرأ سوى عشر كتب.
ها هي انتهت سنة 2015 ولم أنجح في تحقيق قراراتها، لتأتي السنة الجديدة، وتبدأ أسطوانة الresolutions بالدوران مرّة أخرى، إلاّ أنّ هذه المرة قرّرت أن أقوم بالأمر بشكل مختلف، بطريقة ما تجعلني ألتزم بهاته القرارات، لذا قمت بتسطير ما هي الموانع التي حالت بيني وبين تحقيق أهداف السنة الفائتة، فلخّصتهم في ثلاثة أسباب:
طول مدّة السنة، إذ أعتبر نفسي من نوع الناس الذي يحب أن يجني الثمار بسرعة إلى حد ما طبعاً، فعدم رؤية تطور مستواي هو السبب الذي يجعلني أمّل وأستسلم،
أمّا بالنسبة للسبب الثاني فهو قيامي بكل الأمور وحيداً وعدم وجود مجموعة تقوم بتحفيزي على الاستمرار.
السبب الأخير يعود لعدم تضييقي لدائرة القرارات لأفكر في الأمور البسيطة اليومية كتأجيل غسل الأواني المتسخّة في الليل، صدّقوني هذا جد صعب خاصة عندما تسكن لوحدك.
لذا لأحل هذه الموانع وضعت البرنامج التالي:
القيام بقرارات شهرية قصيرة المدى أستطيع أن أتحسّس التغيير فيها.
وجود مجموعة من الناس لتحفيزي وطرح أفكار قرارات جديدة والذي آمل أن أجده فيكم أيّها القرّاء مثل ما يقولوا عندنا (يد وحدة ما تصفّق)
قرب شهر جانفي أن ينتهي ويسعدني أن أخبركم أنّي تقريباً حقّقت هدفي في جانفي. وها هي أهدافي للأشهر الثلاث القادمة:
شهر جانفي: عدم تفويت صلاة الفجر والعشاء في المسجد مهما كان السبب، للأسف لا يجب أن يكون هذا هدفاً إنّما واجب، وبما أنّ شهر جانفي قرب من الانتهاء فسنمدّد هذا القرار للشهر التالي على أمل أن يستمر طوال السنة.
شهر فيفري: سيكون الشهر دون فايسبوك وهو الشهر الذي سأقر فيه كلّ ليلة 30 صفحة (وضعت حاليا قائمة كتب يمكننا التشاور عليها لو أردتم لننشأ نادي كتاب).
شهر مارس: طبخ أكلة جديدة كلّ يوم (هذا راح يجيب آخرتي بكل تأكيد ) لكن آخر 10 أيّام في الشهر سأعود لمنزل العائلة فستكون سهلة قليلاً.
أخيراً، على مدار السنة سنقوم بوضع قرارات شهرية ان شاء الله، فهيّا من يهمّه الأمر ويحب أن يتشارك معي في تحقيق هاته الأهداف أو أهداف أخرى كان يريد تحقيقها فليراسلني على الايميل resolution.arab16@gmail.com ولنتغيّر معاً.
والله وليّ التوفيق.
التعليقات