حدثوني قليلا عن اليتيم ..
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن اليتيم إذا بكى اهتز لبكائه عرش الرحمن ، فيقول الله تعالى لملائكته : يا ملائكتي ! من ذا الذي أبكى هذا اليتيم الذي غيبت أباه في التراب ، فتقول الملائكة : ربنا أنت أعلم . فيقول الله تعالى لملائكته : يا ملائكتي اشهدوا أن من أسكته وأرضاه أنا أرضيه يوم القيامة )الإحسان إلى اليتيم خلق إسلامي رفيع حثنا الإسلام عليه وندبنا إليه , بل وجعله من أفضل الأعمال وأزكاها , قال تعالى : \" لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177) سورة : البقرة.
ولقد جاء الإسلام واليتيم ليس له حظ في الحياة فأمر بإكرامه والإحسان إليه ,حينما هاجر المسلمون إلى الحبشة وأرادت قريش إرجاعهم , وقف جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، أمام النجاشي ملك الحبشة يشرح له محاسن الإسلام وأخلاقياته السامية فَقَالَ لَهُ : أَيُّهَا الْمَلِكُ ، كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ ، نَعْبُدُ الأَصْنَامَ ، وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ ، وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ ، وَنَقْطَعُ الأَرْحَامَ ، وَنُسِيءُ الْجِوَارَ ، يَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ ، فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ ، حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولاً مِنَّا ، نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ ، وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ ، فَدَعَانَا إِلَى اللهِ لِنُوَحِّدَهُ وَنَعْبُدَهُ ، وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَحْنُ نَعْبُدُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنَ الْحِجَارَةِ وَالأَوْثَانِ ، وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ ، وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ ، وَحُسْنِ الْجِوَارِ ، وَالْكَفِّ عَنْ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ ، وَنَهَانَا عَنِ الْفَوَاحِشِ ، وَقَوْلِ الزُّورِ ، وَأَكْلِ مَالَ الْيَتِيمِ ، وَقَذْفِ الْمُحْصَنَةِ ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ ، لاَ نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ، وَأَمَرَنَا بِالصَّلاَةِ ، وَالزَّكَاةِ ، وَالصِّيَامِ . أخرجه أحمد 1/201(1740) و\"ابن خزيمة\" 2260 .
ولقد أكد القرآن الكريم على حقيقة الإحسان إلى اليتيم , وعدم الاعتداء على ماله , قال تعالى : \" وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152) وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153) سورة الأنعام .
وقال : \" وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا (34) سورة الإسراء .
وجعل الإسلام من السبع الموبقات التي توبق صاحبها وتدخله نار جهنم ( أكل مال اليتيم ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ: ( اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، وَمَا هُنَّ ؟ قَالَ : الشِّرْكُ بِاللهِ ، وَالسِّحْرُ ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ، وَأَكْلُ الرِّبَا ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلاَتِ.)\".أخرجه البخاري 4/12(2766) و7/177و((مسلم)) 1/64(175).
التعليقات