سمعت أمي ذات يوم تخبر أبي ( الزن علي الودان أمَّر من السحر ) !!

في الواقع لم تستوقفني الجملة كثيراً بل مرت كما تمر النظرات الحارقة و الكلمات الباردة التى لا أعيرها اهتماماً او على الأقل اتظاهر بذلك ..

تذكرت عند التحاقي بالكلية في يومى الأول حين أخبرتنى أمي نصاً ( أريدك أن تصبح أستاذاً جامعياً ) ، و في اليوم التالى طلبتها منى وقت الغذاء و في اليوم الثالث طلبتها منى قبل النوم و في الرابع أثناء الوضوء و الخامس و السادس و السابع الى ان فاض بي فقاطعتها في الثامن معبراً عن ضيقي بهذا الأسلوب الذي يشكل ضغطاً جسيماً علي عاتقي ، فوجئت بها تبرر طلبها بأنه مجرد حلمها و أمنيتها أن يصير ولدها أعظم أستاذاً جامعياً لكن هذا لا يعني انه يجب علي ان أصير كذلك و ان القرار الأول و الأخير لي إما أن اصبح عظيماً كما تقول أو صعلوكاً كما تقول أيضاً .. اذاً هذا حديث عقلانى و مريح نسبياً و أعتقد ان امى لن تكرر طلبها او كما تطلق عليه حلمها ، في اليوم التالى وجدت أمى توقظني الى الكلية : " استيقظ أيها الأستاذ الجامعي الموقر ستتأخر " !!!

لم أقاطعها بل صمت و ظللت صامتاً مع تكرار طلبها حتي اعتدت عليه

حتي تفاجأت بنفسي بعد ذلك الامتحان الصعب أسب حظي " يا للهول لقد كتبت في اجابتى تسع نقاط فقط و نسيت العاشرة ، هل سيؤثر ذلك علي ترتيبي من بين الأوائل " !! كما اتذكر ان حزنى استمر طوال اليوم ربما طوال الاسبوع بسبب نقطة نسيتها من بين عشرة قد لا يهتم المصحح بوجودها من الأساس !!

كيف تحولت من طالب رائق البال هادئ لا يحمل هماً الى ذلك المتوتر الذي يقوم بحساب كل نقطة بالورقة و القلم ؟! .. إنه السحر

و هنا قرع صوت أمى طبول أذناي ( الزن علي الودان أمر من السحر )

هل هذا سحرٌ مشروع ؟ الا يستوجب عقوبة ممارسة السحر الأسود او الأبيض بغض النظر عن لونه !!

هل يجب علينا مقاومة ذلك النوع من السحر أم الاستسلام له فقط فكما تعلم الجملة الحمقاء " اننا نعلم أين تكمن مصلحتك بينما انتم الشباب الطائش لا تدرون "

هل بمرور الوقت سأكتشف مدى حماقتي و طيشي ؟ أم اننى سأندم علي استسلامى لسحرهما يوم أن صمت !!