حسنًا، هذه أول رواية تقريبًا أقرأها لدوستويفسكي، ربنا يستر.
حسنًا أدركت لتوي أن مقدمات المترجمين هي أفضل ما قد يحدث لتجربة قراءة رواية عالمية، فالمترجم -واحيانًا الكاتب- يكتب نبذة عن حياة الكاتب الأصلي وسبب كتابته لهذه الرواية، ليعطيك دفعة من المشاعر الأولية التي يحتاجها المرء ليدخل في "المود" الخاص بالرواية، هذا المترجم لهذه الرواية نجح في جعلي أصمم على إنهاءها اليوم بدفعة الحماس التي أعطاها لي، ولكنني أخشى أن تنطفأ سريعًا لذا سأعرف ما إذا كانت ستنطفأ ثم سأخبركم.
في الرواية يصف دوستويفسكي -سآخذ مدة على ما أعتاد على كتابته- تحولاته الشخصية في لعب القمار ومنها تحولاته إلى اللامنطقية وعدم اخضاع أفكاره للحكم الأخلاقي، وتبعات ذلك على ما نقرأه في رواياته مثل الجريمة والعقاب.
يعالج دوستويفسكي قضايا مجتمعية، فالقمار يسحب الشخص حتى يتحمس ويفقد رباطة جأشه فيخسر كل ما يملك، والناس يهبون إلى كنز الاموال بأي طريقة والعمل الشاق الكاد ليورثوها لأبنائهم الذين بدورهم يورثوها لأبنائهم حتى تتكون ثروة ضخمة من هذه الأموال لدى العائلة، وهؤلاء هم من يتحكمون في العالم، من جاهدوا أنفسهم 5 أجيال في جمع المال، ولكن البسطاء أمثالنا لا يهمهم جمع المال لهذه الدرجة، فكل منا يحاول أن يتجنب التفكير في مستقبل أبعد من الغد أو حتى أبعد من حياته، بينما أولئك هم من فكروا في مستقبل أحفاد أحفادهم، ويستحقوا التكريم على اهتمامهم المفرط بجيناتهم ومن سينقلوها لهم.
يتحفنا دوستويفسكي بآراءه مجددًا في القضاء وأحداثه الجديدة، والقضايا المجتمعية التي يمكن اسقاطها على أي مجتمع، مثل الشعور بالخوف والجبن عندما تكون في بلد غير بلدك، وهذا يدل على قلة تقديرك لنفسك ولبلدك، وبشكل أو بآخر الواسطة موجودة دائمًا، ولكن يريد الكاتب ألا نجعلها تتحكم فينا بل نحن من نتحكم بها، وألا ننخدع بالكلام العاطفي.
تسلية صبيانية وتهديدات خيالية قد تثير ذعرًا شاملًأ
وأخيرًا أنهيت هذه القصة، لا أنفي أنني حزنت قليلًا لحال آلكسي، يبدو أن دوستويفسكي يريد أن يوصل لنا فكرة بسيطة جدًا، وهي أبتعد عن القمار، فقط بهذه البساطة، اما إذا أردنا التعمق فنجد أنه يصف الرجل الطائش والطائشين بأنهم خلقوا للقمار في الحياة، فيعقدوا آمالهم على الحظ، وهؤلاء دائمًا يخسرون، وأن الفتيات ينجذبن للمظهر الخارجي ويخترعون شخصيات خيالية يحبوها ويصدموا في الواقع من الشخصيات التي ظنوا أنها تغيرت ولم تعد نفس الشخصيات التي أحبوها، وحذرنا كعادته من الهيام بالنساء (يبدو ان لديه نوع ما من العقد)، والنبالة المتمثلة في الرجل الانجليزي الذي لا يحظى بقلب الفتاة أبدًا مهما فعل، وفي المقابل يحظى بالفتاة نفسها، وان دخلنا في مستوى نظرية المؤامرة، يمكننا القول أن دوستويفسكي يريد القول أن بريطانيا النبيلة تقرض الروس دائمًا دون حساب وفي المقابل تكسب حب الناس، وفرنسا تبدو ظاهرًا نبيلة فيحبها الناس ظاهرًا ولكن ما أن يتعاملوا معها ويذهبوا لباريس حتى يعانوا من الصدمة ويمرضوا (هناك لفظ ياباني يطلق على هؤلاء الناس وعلى هذه الحالة تعرف بمتلازمة باريس)، وروسيا بالطائش التي تعتمد على الحظ وتقامر دائمًا فتعاملها انجلترا باحتقار وتحتقرها روسيا حتى الرمق الاخير ويرتبط بها الناس دائمًا، أو شئ من هذا القبيل، لا يمكنني التبحر في المؤامرة أكثر من هذا، والا ذكرت لكم أن الجدة هي الشيط...
التعليقات