كتابات عصرية # 

مقترنة من رواية فتاة القطار 

الفصل الاول 

كانت باهتة العينين شقراء صفراء الثياب ناصعة الجمال كذاك البريق واللمعىن الذي نراه في السماء بعد أن يهطل المطر وترتوي النباتات وتلبس الأرض ثوبها الأخضر وتصدح نسمات الفجر مع كل شروق شمس وتغرد الطيوور كل على حدة وكل عازف كمان على عتبة ساحة سوق قديم أو حائط مبتل يسند نفسه عليه ليعزف معزوفتة تأخذ يومه كله وربما أخذت حياته ، لكنها لم تأخذ سوى ثوان العابرين ربما دقائقهم أو لحظات من يومهم بعد أيام .

عندما كنت أنظر إليها كان الوقت من يداهمني وكانت بين يديها ساعة تحدق بها كل يوم وكل لقاء عل أحدهم يأتي ولا يتأخر عن اللقاء ، تلك نسمة عابرة لكنها مرافقة لأحاسيسها كما ترافق روحها جسدها ، حين تشعر بالحيرة أو أنها لم تكن تنتظر أحدهم منذ البداية يداهمها شعور القلق وتأخذ ملامحها تلك الجميلة العزباء التي آمنت بالحياة وظلت تنتظر ذاك اليوم الموعود يوم يأتي فارس أحلامها الذي لطالما إنتظاره ، فكم من مرة كان في طريقه إليها كانت كل ضواحي المدينة تحدثها بمجيئه وكل نسمات الهواء بها عطره كانت العصافير تغني على لحنه والموسيقى مصحوبة بصدى صوته أو ربما كانت آثار خطواته القديمة لم تزل بعد فقد هطل الثلج وجاء الشتاء ونحتت له ذكرى كما تخلد التماثيل وكما تحفر في التاريخ أمسيات الأمس وأسيادها .

ها نحن اليوم هنا بالقرب من نفس الشجرة يحيطها بساتين الورورد لكن الورد اليوم قد ذبل ولم يبقى سوى عطره الفواح ، يذكرني فيك كل شيئ ، يذكرني فيك صوت البلابل وضجيج الركاب وهجيج الأمواج تلك الحفلات الصاخبة أذكر طعم ملمس يديك ، وتلك الذروة التي أشعر بها حين أكون بين يديك ، أذكر تماما كيف أنسى أو ربما ننسى سويا مواعيدنا ولا يأخذنا ويرجعنا إلى الواقع غير دقة الناموس وتلك الكنيسة القدمة في منتصف النهار حينما تدق كل يوم بنفس الصخبة المزعجة ، ليست مزعجة كثيرا فكم مرة كنا قد وعينا ولم يلفت إنتباهنا شيئ حتى هي . 

اليوم هو اخر أيام الإسبوع لكنني إستيقظت مبكرا وإرتديت ساعتي الذهبية أعلم أنها لا تعمل بها عطب وبحاجة لأأخذها إلى الساعاتي وكل يوم أمر بجانبه وألقي عليه التحية لعلي أرجع أليه في اليوم التالي أو في نهاية العمل لكن لم يحصل ما زلت أتذكر ذلك الحادث المؤسف الذي كاد أن يفقدنا حياتنا لقد كان يوما لا ينسى ترك فينا ندبات شديدة ، في الحقيقة ربما كان أجمل لو أنه لم يعد ذكرى كما لكل الناجين ، تبا لذلك الأبيض اللعين تبا لسائق السيارة هو من أوصلنا إليه لا ذنب له فقد تعب سنوات عديدة وهذا هو عمله ، تبا سأأخذ كأسا من النبيذ فتبا لي أريد أن أنسى .

لو لم تكن بجانبي حينها لكنت تمنيت أن إشتعلت بنا السيارة أو ربما كنت قد أسرعت درجتين فقط عما كنا عليه لكنا إذا قد إنزلقنا في النهر الجارف وإبتلعنا المحيط حين يصب فيه النهر ،. أي بؤس هذا وأي ضمير لديك ؟!

كيف لقلب كان يهوى أحدا يراه الكون كله أن ينام على صوته ! أن يسمع صوته كما يستيقظ الناس ليسمعون أغانيهم المفضلة كنت أنت أغنيتي الأولى والأخيرة .. يتبع