إنه شخص... شخص ملقي على الأرض في بركة من الدماء.....،
لم يوقظني من وهلتي تلك سوى صوت أنثوي غاضب، أذكر مدى رعشتي حينما طلبت مني مساعدتها في حمل ذلك الرجل الثلاثيني المصاب، لم أستطع التحرك قيد أنملة، ولكنني شاكرة لماري بتصرفها بدلاً عني رغم كبر سنها كانت ثابتة أفضل مني، ولكنها لم تكف عن الصراخ بي، معها حق لقد كنت كطفلة عاجزة، كل ما إستطعت فعله هو جلب أُجرة للحاق بروحه التي كادت أن تذهب بين أيدينا، من حسن حظه أنه كان ملقي بالقرب من منطقة سير متحركة.
بالرغم من أن لقائي ببلقيس كان صاخباً بعض الشئ إلا أنني صرت أعرف ما نوع القلب الذي تملكه هذه المرأة القوية.
بعد دخول الشاب لغرفة العمليات لم تكف تلك الممرضة من طرح الأسئلة، ولكننا لم نكن في حالة جيدة للرد عليها، لحسن الحظ أنني تمكنت من أخذ هويته في اللحظات الأخيرة وإلا لم يكن من السهل إخبار عائلته.
يبدو أن ذلك المدعو ديفيد لديه عمر طويل ليعشه على الرغم من عمق الطعنة التي أخذها إلا أنه كافح للإستمرار بهذه الحياة، بدأت أشك بأنه أحد معارف بلقيس، إنها لم تكف عن تحريك قدميها إلا بعد خروج الطبيب من غرفة العمليات، حينها بدأت بالحديث معي قليلاً بعد أن إطمئنت بأنه إجتاز مرحلة الخطر،
لقد كانت بضع كلمات فقط (هل أنت المستأجرة الجديدة مرحباً بك) حتى أنها لم تعطني الفرصة للتحدث ، ولكن لا بأس إن الوقت ليس مناسب للأخذ والعطاء، ستأتي فرص آخرى.
نادين........ نادين، لا أعرف من أين سأبدأ، رغم إلتقائي بالعديد من الفتيات الصاخبات، إلا أنني لم أصادف ولن أصادف فتاة في مثل جنونها، لديها طاقة تكفي لتحريك مدينة بالكامل، عكس بلقيس تماماً، يبدو أن ذلك سبب عدم توافقهما جيداً، أتذكر نظرة بلقيس لها عند صراخها حين رأت أثار الدماء على قميصها بعد مجيئنا من تلك الحادثة، لا أدرِ ما السبب ولكن هنالك أمراً يدور بينهما، ذلك اليوم تأكدت من مدى عناد نادين إنها لم تتركني إلا بعد أن سردت لها تفاصيل الحادثة، وحين إنتبهت على نفسها تفاجأت مع من تتحدث، ضحكتُ كثيراً حين قالت لي في دهشة : لحظة ولكن من أنت؟، كانت تعرف بأمر المستأجرة الجديدة ولكنها لم تعطني الفرصة بالتعريف عن نفسي، على الرغم من ذلك رحبت بي ترحيباً جيداً، معها حق ماري إنها خفيفة الظل.
لا أستطيع وصف ما شعرت به في أول يوم دراسي لي، لم يكف خيالي للحظة من نسج تلك الأفكار السخيفة، لقد إعتدت على الأمر حقا، يسعدني إمتلاكي هذه المخيلة التي لا تزال تستطيع إبهاري في كل مرة.
أذكر تلك اللحظة حين عثرنا على ديفيد بالقرب من شقتنا، إستمر عقلي في بث تلك الأفكار التي جعلتني لا أستطيع الحراك أو حتى التحدث، ولكن أكثر فكرة أضحكتني عندما ظننت أن هذا مجرد حلم سئ، سأخرج منه بعد قليل، وكاد الشاب أن يذهب فيها، لا بد من وجود حل لإيقاف هذه الأفكار الغبية.
متردده قليلاً بالدخول على الرغم من شعوري بالحماس الشديد لرؤية ما ستبدو عليه الكلية التي سأرتادها، يجب علي أن أغمض عيني والمضي قدماً، وليحدث ما سيحدث.
كنت مسرعة للحاق بالمحاضرة، إنه أول يوم لي لا بد من ترك إنطباع جيد، لم أدرِ كم درجة صعدت ولكن هذا السلم السخيف لا يريد الإنتهاء.
توقف الزمن للحظة، على الرغم من مخيلتي الواسعة إلا أنني لم يخطر لي حدوث أمر كذلك، يبدو أن هذه الحياة الجديدة لن تكف عن مفاجأتي يوماً..................!
..... يتبع