مراجعة رواية "ابنة الوحل"
للكاتب: رمضان سعيد
"إن قيمة البنت في نظر الناس ترتبط بقيمة أمها، إن ابنة الراقصة تبقى في نظر الناس ابنة راقصة حتى لو نالت الدكتوراه من جامعة الأزهر"
جملة قاسية، ترقد داخل جوف حياتنا، تتمركز بين رؤيتنا للماضي، والحاضر الذي نتقاسمه مع الحياة، مرآة تعكس زوايا وخفايا حقيقتنا، تتبادل معنا أسرارنا التي لا يعلمها أحد سوانا.
نقف أمام أنفسنا نرى بقايا الظل المحرم ونتساءل "هل للماضي سطوة علينا؟ هل له أن يسير جانبنا كالظل، يحوم حولنا كحارس جهنم، يقتحم خلوتنا عنوة، يفرض سُلطته، يُجبرنا أن نُفرغ أمامه جعبة أسرارنا، نتعثر، نسقط، ينال منا بأنيابه فيهتك حاضرنا.
نقف الآن أمام قضية اجتماعية وفجوة إنسانية أطاحت بالكثير من القيم والمبادئ الأخلاقية، وشق درامي سرده لنا الكاتب جعلنا نسبح معه نحو واحدة من أهم الإسقاطات التي يعيشها المجتمع.
#ابنة_الوحل هي الصورة الاجتماعية التي أظهرها لنا الكاتب، وشاركنا معه في رؤيته لها وقدم لنا من بين سطوره تلك الخطيئة التي تسللت بيننا، مرتدية قناع الزيف، تنظر لنا مبتسمة، تدعي الفضيلة وهي حاملة للذنب.
"يرتدون عمامة الحق في الباطل، يتلصصون من خلف الأبواب ليلا، ويدعون الفضيلة نهارا"
صراعُ مجتمعي، ومرض زاد من عطب العقول، هؤلاء الذين صوبوا أسلحتهم نحو فئة اجتماعية وحاصروها، ووباء أخلاقي يفترش جذور مجتمع بأكمله، لنرى شكل من أشكال المتعة المحرمة والتي رأيناها تتمثل أمامنا داخل فئة اجتماعية حاولت التملص من نظرات المجتمع لماضي فُرض عليها.
عرض لنا الكاتب أعراض ذلك المرض المتفشي، وأسباب ركود تلك الطبقات وانسياقها وراء الخطيئة، ومن حملها لذلك، وكيف ينظر المجتمع لتلك الفئات.
ليحملنا معه داخل سفينته، نشاهد توابع ذلك المرض وأثره على واحدة من الفئات، نماذج بشرية استطاعت أن تزيل شوائب ذلك المجتمع المشوه، وتسير بخطى ثابتة نحو بؤرة أمل أكثر أمانا
#ابنة-الوحل
هي الماضي الذي اتسم بوصمة ذلك المرض، هي الناجية الوحيدة من فوق أرض الرزيلة
وبعد صراع كادت أن تهلك داخله وجدت نفسها تقف فوق أرض خاوية، أهلها مصابون نفس المرض ولكنهم يرتدون معاطفهم الدافئة التي أخفت قبح أخلاقهم.
ستجلس وتشاهد عزيزي القارئ توابع تلك الفصيلة وكيف تسلقت أكتاف المجتمع المعارض لها، لتكشف ستارهم ويسقطون معا في بركة مملوءً بالوحل.
صراع دمجه الكاتب داخل إطار درامي أمتاز بعنصري الإثارة والتشويق والذي من خلاله كُشف أمامنا ذلك العالم المملوء بالضواري البشرية.
وفي نهاية رحلة استطلاعك على هذا المجتمع ستتساءل.. هل يمكن للمجتمع أن تنمو له أيادي تمحو الرزيلة كما تخلقها؟ هل له أن يصفع الماضي يوما ما بعيدا عنا ليخلق لنا فرص جديدة وبناء جديد؟
سؤال ستبحث عن إجابته بين طيات عقلك لتجلس وتنظر لمرآة ماضيك هل لها أن تتحدث يوما ناطقة بالحقيقة؟
ابنة الوحل
خلقتنا أمهاتنا عذارى، وجعلنا المجتمع عاهرات"
....#شرين_رضا